تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الثالثة) إذا قلنا باشتقاقه -وهو الراجح- فاشتقاقه من الإلاهة أو التأله و هو مصدر لِ "ألَه يألَه" بمعنى "عبَد يعبُد" فالتأله أو الإلاهة هي العبادة و الإله هو المعبود فكل ما عُبِد فهو إله سواءٌ عبد بحقٍ أو لا و لهذا سميت الأوثان التي عبدها المشركون آلهةً و إن كانت عبوديتها باطلة؛ و قد جاء التصريح بلفظ المصدر في قول رؤبة:

لله دَرُّ الغانيات المُدَّهِ سَبَّحْنَ وَ اسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَألُّهي

و في قراءة ابن عباس: {و يذرك و إلاهتك}.

قال الحافظ أبو جعفر بن جرير في تفسيره: حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن عمرو بن الحسن عن ابن عباس أنه كان يقرأ {ويذَرَكَ و إلاهتَك} وقال: إنما كان فرعون يُعبَدُ ولا يَعبُد.

(الرابعة) قوله (أَحْمَدُ) أخَّرَهُ و قدَّم معمولَه لإفادة التخصيص أي أحمدُ اللهَ لا أحمدُ غيرَه و الحمد هو الثناء على المحمود باللسان و قد يكون مرادفًا للشكر إذا كان في مقابلة النعمة و قد يكون مفارقًا له إذا كان لمجرد ما يحمله المحمود من الصفات الحميدة التي يستحق من أجلها الحمدَ و الثناءَ فبَيْنَهما عمومٌ و خصوصٌ من وجهٍ فالحمدُ أعمُّ من جهة كونه في مقابلة النعمة وغيرها و الشكر أعم من جهة أنه يكون باللسان و غيره كما قال أحد الحكماء: " الشكر ثلاثُ منازل ضمير القلب و نشر اللسان و مكافأة اليد "، و قال الشاعر:

أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً يدي و لساني و الضميرَ المحجَّبَا

(الخامسة) لم أر للمصنف وجهًا في البدءِ بالحمد دون البسملة و إنما كَرِهَ البدء بالبسملة مَنْ كَرِهَه في كُتُبِ الشعر خاصَّة، وأما غيرها من الكتب فلا خلاف في جواز كتابة البسملة في صدرها وإن اشتملت على حكاية بعض الأشعار وقد اعتمد من كره ذلك على بعض الآثار الضعيفة كأثر الزهري والشعبي وقد رواهما الخطيب في جامعه وكلاهما لا يصح إسنادًا فالصحيح جواز البدء بها في أول كل كتاب من غير كراهة، قال القرطبي: " اتفقت الأمة على جواز كتبها في أول كل كتاب من كتب العلم والرسائل فإن كان الكتاب ديوان شعر فروى مجالد عن الشعبي قال: أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم} وقال الزهري:مضت السنة ألا يكتبوا في الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم} وذهب إلى رسم التسمية في أول كتب الشعر سعيد بن جبير وتابعه على ذلك أكثر المتأخرين قال أبو بكر الخطيب: وهو الذي نختاره ونستحبه"انتهى من الجامع.

وربما اعتُذر له بأنه استغنى بالحمد عن البسملة لدلالة كل منهما على الثناء والمشهور الاقتصار على البسملة والاستغناء بها عن الحمدلة كما فعل أبوبكر رضي الله عنه في كتاب الصدقة الذي أرسله إلى أنسٍ لما استعمله على البحرين فقد قال في كتابه " بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة .... " قال الماوردي: يستدل به على إثبات البسملة في ابتداء الكتب وعلى أن الابتداء بالحمد ليس بشرط.

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[25 - 11 - 06, 12:48 ص]ـ

جزاكم الله خيرا أخي المفضال أبا حاتم .. على هذا الشرح المستطاب ..

فواصل وصلك الله بطاعته

ـ[أبوحاتم المصري]ــــــــ[25 - 11 - 06, 07:28 م]ـ

(السادسة) قوله (على أن جعلني من علماء العربية) أي أشكره على أن صيرني من أهل المعرفة بقواعدها وأسرارها ومقاصدها ومنازع كلام أصحابها وفيه إشارة إلى أن العبد مفتقر إلى الله في تحصيل العلوم والحذق بها والتحقق بأوصاف أهلها وهو أمر تظاهرت أدلة الشرع على إثباته ومنه قوله تعالى: "وعلمناهُ صنعةَ لبوسٍ لكم" وقوله: "ففهمناها سليمان" وقوله ?: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملاً متقبلاً" وقوله ?: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" وفيه نقض لعقيدة المصنِّف في القدر فإن المعتزلة يعتقدون أن أفعال العباد مخلوقةٌ لهم ويسمون ذلك العدل، وكلامُ المصنِّف يدل على أنها مخلوقة لله كما هو اعتقاد أهل السنة.

(السابعة) قوله (من علماء العربية) ليس من شرط العالم بالعربية أن يكون خبيرًا متبحرًا في كل علومها فمن برع في شيءٍ من علوم العربية فهو من علمائها على أن تكون له درايةٌ بما يكفيه من أصول ما لم يبرع فيه منها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير