وازن بين قول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك، وبين قول الذي له النبي صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني لله ندًّا حيث قال له ما شاء الله وشئت ". فهذا لو قال ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت، لكان أقبح من قول القائل ما شاء الله وشئت؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة لقوله: لمن شاء منكم أن يستقيم [التكوير 28] فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [الإنسان: 29] فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من عذاب ذلك اليوم لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه!. ص / 45
ـــــــــــ
قول صاحب البردة
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم
هو استغاثة بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة، كقول الأبوين (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف: 23]. وقول نوح: (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [هود: 47]. وقول بني إسرائيل: لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف: 149]. أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار، بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون.
وأما قول صاحب البردة وقول المشطِّر:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي**** ومنقذي من عذاب الله والألم
................................. ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
أي وإن لم تأخذ بيدي وتنقذني من عذاب الله فقل يا زلة القدم. أي فأنا خاسر أو هالك، فهو كقول الأبوين (وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف: 23]. وقول نوح: (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) [هود: 47]. وقول بني إسرائيل (لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف: 149]. ص / 58/ 59
ـــــــــــ
كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس. ص (25/ 45 / 58/ 59)
للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين ـ رحمه الله ـ
...............
كلام العلامة محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في البردة
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في كتابه "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/ 218):
وقد ضل من زعم أن لله شركاء كمن عبد الأصنام أوعيسى بن مريم عليه السلام، وكذلك بعض الشعراء الذين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق؛ كقول بعضهم يخاطب ممدوحاً له:
فكن كمن شئت يامن لاشبيه له ***** وكيف شئت فما خلق يدانيك
وكقول البوصيري في قصيدته في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به ***** سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فإن مِن جودك الدنيا وضَرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: وهذا من أعظم الشرك لأنه جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم، ومقتضاهُ أن الله جل ذكره ليس له فيهما شيء.
وقال -أي: البوصيري -[ومن علومك علم اللوح والقلم]، يعني: وليس ذلك كل علومك؛ فما بقي لله علمٌ ولا تدبيرٌ ـ والعياذ بالله ـ. أ. هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/ 218)
...........
كلام العلامة صالح بن فوزان الفوزان في على البردة
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد:
قوله تعالى ; ولا شفيعٌ ; أي: واسطة، يتوسط له عند الله، ما أحد يشفع له يوم القيامة إلا بإذن الله سبحانه وتعالى، وبشرط أن يكون هذا الشخص ممن يرضى الله عنه، هذه شفاعة منفيّة فبطل أمر هؤلاء الذين يتخذون الشفعاء ويظنون أنهم يخلصونهم يوم القيامة من عذاب الله كما يقول صاحب " البردة ":
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً ***** بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلّة القدم
هذا على اعتقاد المشركين أن الرسول يأخذ بيده ويخلصه من النار، وهذا ليس بصحيح، لا يخلصه من النار إلا الله سبحانه وتعالى إذا كان من أهل الإيمان.
¥