تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 241)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن أنس رضي الله عنه: أن أناساً قالوا يارسول الله، ياخيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال ((يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولايستهوينكم الشيطان، أنا محمد رسول؛ عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل)) رواه النسائي بسند جيد.

فهذان الحديثان يُستفاد منهما فوائد عظيمة:

الفائدة الأولى: فيه التحذير من الغلوّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم عن طريق المديح، وأنّه صلى الله عليه وسلم إنّما يوصف بصفاتِه التي أعطاهُ الله إيَّاها: العبوديّة والرِّسالة، أمّا أن يُغلي في حقَّه فيوصف بأنّه يفرِّج الكُروب ويغفر الذنوب، وأنه يستغاث به - عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، كما وقع فيه كثيرٌ من المخرِّفين اليوم فيما يسمّونه بالمدائح النبوية في أشعارهم: " البردة " للبوصيري، وما قيل على نسجها من المخرفين، فهذا غلو أوقع في الشرك،

كما قال البوصيري:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم

فهذا غلوٌّ - والعياذ بالله - أفضى إلى الكفر والشِّرْك، حتى لم يترُك لله شيئاً، كلّ شيء جعله للرسول صلى الله غليه وسلم: الدنيا والآخرة للرسول، علم اللوح والقلم للرسول، لا ينقذ من العذاب يوم القيامة إلا الرسول، إذاً ما بقي لله عز وجل؟

وهذا من قصيدةٍ يتناقلونها ويحفظونها ويُنشدونها في الموالد.

وكذلك غيرُها من الأشعار، كلّ هذا سببه الغلوّ في الرّسول صلى الله عليه وسلم.

وأمّا مدحُه صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به بأنّه عبدٌ ورسول، وأنه أفضل الخلق، فهذا لا بأس به، كما جاء في أشعار الصحابة الذين مدحوه، كشعر حسان بن ثابت، وكعب بن زهير، وكذلك كعب بن مالك، وعبدالله بن رواحة، فهذه أشعار نزيهة طيبة، قد سمعها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها، لأنها ليس فيها شيءٌ من الغلو، وإنما فيها ذكر أوصافه صلى الله عليه وسلم.

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 312)

ـــــــــــــــــــــــ

ففي قوله: " عبدالله " ردٌّ على الغلاة في حقه صلى الله عليه وسلم.

وفي قوله: " رسوله " ردٌ على المكذبين الذين يكذّبون برسالته صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون يقولون: هو عبدالله ورسوله.

هذا وجهه الجمع بين هذين اللفظين، أن فيهما رداً على أهل الإفراط وأهل التفريط في حقه صلى الله عليه وسلم.

وفيه: ردٌ على الذين غلو في مدحه صلى الله عليه وسلم من أصحاب القصائد، كقصيدة البُردة والهمزية وغيرهما من القصائد الشركية التي غلت في مدحه صلى الله عليه وسلم، حتى قال البوصيري:

يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم

فنسي الله سبحانه وتعالى.

ثم قال:

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

يعني: ما ينجيه من النار يوم القيامة إلاّ الرسول.

ثم قال:

فإن من جودك الدّنيا وضرّتها ***** ومن علومك علم اللّوح والقلم

الدنيا والآخرة كلها من وجود النبي صلى الله عليه وسلم، أما الله فليس له فضل، هل بعد هذا الغلو من غلو؟؟.

واللّوح المحفوظ والقلم الذي كتب الله به المقادير هذا بعض علم النبي صلى الله عليه وسلم، ونسي الله تماماً - والعياذ بالله -.

وكذلك من نهج على نهج البردة ممن جاء بعده، وحاكاه في هذا الغلو، هذا كله من الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومن الإطراء.

أما المؤمنون فيمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم بما فيه من الصفات الحميدة والرسالة والعبودية، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، كما عليه شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه وأقرّهم، مثل: حسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وكعب بن زُهير، وعبدالله بن رواحة، وغيرهم من شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه بصفاته صلى الله عليه وسلم، وردوا على الكفّار والمشركين.

هذا هو المدح الصحيح المعتدل، الذي فيه الأجر وفيه الخير، وهو وصفه صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة من غير زيادة ولا نُقصان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير