تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا جفّت العيون السواقي واستحالت رياضنا مجدبات

وبدا وجه أرضنا مقفهرٌّ قابلتك الغيوم بالبشريات

فإذا بالمغيث يزجي سحاباً ويفيض الثجاج بالمعصرات

تكتسي الأرض حلّة من نضار في وجوهٍ وضّاءةٍ باسمات

لو تأملت أبدع الصنع فيما بين جنبيك من بديع العضات

من فؤاد ومنطق واعتدال والنهى والدلائل الباهرات

والبلايين من خلاياك تمضي والكريّات أضخم الناقلات

لو تأمّلت في كتاب كريم في معاني آياته المحكمات

في الضحى والأنعام والنحل فيضٌ من ضياءٍ والنور والذاريات

من يعيد الرواء للأرض لما يطمس الجدب أوجهاً ضاحكات

من يعافي المريض من بعد سقمٍ وقنوطٍ من طبّ مستشفيات

من يبث السرور في كل بيتٍ بالبنين الأطهار أو بالبنات

من يسلّي النفوس بالصبر لمّا تبتلى بالنوازل القاصمات

من يغيث القلوب مما دهاها من همومٍ بئيسةٍ جاثمات

من يواري عيوبنا .. من حبانا بستورٍ من سترهِ مسدلات

من هدى العقل لاكتشافٍ بديعٍ لعلومٍ عجيبة مذهلات

كلما زادت العقول اكتشافاً وابتكاراً تتيه في المهمهات

علمها واكتشافها ليس إلا قطرةً من بحوره الزاخرات

إن في ساحة العلوم اهتداءً ودليلاً للأنفس الحائرات

كم هدينا بفضله لعلومٍ بمزايا توحيده هاتفات

إن في مسرح الحياة اعتباراً في ثنايا آياتها الماثلات

يا جهولا بربّه يا غفولاً عن صريح الآيات والبيّنات

كم نرى في حياتنا من فنونٍ ورسومٍ خلاّبةٍ هائمات

أين عيناك عن تملّي جمالٍ في أفانين فضله الناطقات

في جمال الأكوان في كل همسٍ في بديع المسموع والمبصرات

في شروقٍ للشمس أو في غروبٍ في نجومٍ مطلّة آفلات

في انبلاج الصباح في هدئة الليل في لحون الشداة

في سحابٍ مسخّرٍ في غمامٍ في بروقٍ برّاقةٍ ضاحكات

في هتاف الطيور من كل فنٍّ في غناء الحمائم الساجعات

في الشذا في الندى في الورود في بسمة الفجر في سكون البيات

في الرُّبى في الضحى في الأنهار في طلعة البدر في الزواهر الحالمات

في التقاء البحرين ملحٌ أجاجٌ ليس يطغى على الزلال الفرات

في رحيق الأزهار في نفحة العطر في رياضها الناظرات

في دلال الملاح في رقّة الحب في المحاجر الآسرات

في قدودٍ فتّانة في خدودٍ في ثغورٍ وضّاءةٍ باسمات

في جمال الغزال في جفلة الظبي في عيون المهات

في اختيال الطاؤوس في عالم البحر في علوِّ البزاة

في هدير الجِمال في سطوة الأسد في انطلاقة الصافنات

في قضاء الأرواح في قصّة النومِ في حديثنا والسُّكات

في بديع الألون في نغمة الصوت في قلوبنا الخافقات

في اختلاف الأذواق في بسمة المرء في دموعه الذارفات

في صنوف الأرزاق من كلّ طعمٍ في فيوضات جوده المغدقات

في مذاق الثمار في باسق النخل في الجنا في النواة

إنه الله سلوةً وضياءً في سماءِ العبّادِ والعابداتِ

عد إلى ظلّه الظليل التماساً للرضى وحسن الصِّلاة

حيث يكسوك حُلّةً من حنانٍ وأمانٍ في هجمة العاديات

وترنّم بذكره فهوة غرسٌ سوف تجني ثمارهُ اليانعات

إنّ صدق المحبّ يبدو جليّاً في عيونٍ بالدمع مغرورقات

وامتثالاً لأمره واحتراما لمواثيق حبّه المبرمات

وقياماً بحقّه من صلاةٍ وصيامٍ ومنسكٍ وزكاةِ

هذه همستي إلى كل قلبٍ عاشقٍ للرضى وهذي وصاتي

ونداءٌ مضمّخٌ بعبيرٍ لأناسٍ يستروحون العظاة

فاعمر الوقت بالتراتيلِ وانصب تحت جنح الدجى وحين الغداة

واغنم العمر فالمنايا خفايا كم دهى الخطب أنفساً غافلات

ليس تغنيك توبةٌ أو بكاءٌ حين تمنى بهجمة النازعات

إنه موعدٌ وما عنه مأوى لو سكنت البروج والناطحات

أين أهل السلطان والجاهِ ممن تاه فخراً في الأعصر الماضيات

أولم يفتك الرّدى بقصورٍ وديارٍ بأهلها آهلات

كدّر الموت صفوهم ثمّ بادوا وتجلّت رسومهم دارسات

أين من غرّه جمالٌ ومالٌ من كبار السادات والسيدات

سكنوا باطن الثرى بعد عزٍّ في ظلال المنازل الشامخات

أكل الترب حسنهم وتمشى الدود يرعى في أعظمٍ باليات

إن في صرعة الزّمان اعتبارا كيف تمضي أيامه خاطفات

فلتبادر إلى اغتنام الليالي ولحوقٍ للركب قبل الفوات

حين تمضي إلى إلهٍ عظيمٍ وعليمٍ بالجهرِ والخافيات

جامع الناس في مقامٍ رهيبٍ ومعيد العظام بعد الشتات

في مقامٍ تكون فيه البرايا خاضعات لربها مهطعات

فيه تجثوا قوافل الناس خوفاً ويحل الذهول بالمرضعات

لو رأيت الأبناء ولّوا فراراً عن نداءالآباء والأمّهات

هلعٌ يُمطر الورى فاستكانوا في وجيفٍ وأعينٍ شاخصات

وبكاءٍ وحرقةٍ ثم يدنو كوكب الشمس من حفاةٍ عراة

ليس للمرء ملجأ فيه إلا بمزايا أعماله الصالحات

ولمن واجهوا فلول الخطايا بدروعٍ من التقى سابغات

ودعاة لهديه في البرايا بقلوبٍ رفيقة راحمات

يقطف المؤمنون أزهار أمنٍ ويرون البشائر المرضيات

حورُ عينٍ وسندسٍ وثمار وفيوض من أنهرٍ جاريات

في نعيم لا ينقضي ومزيدٍ لوجوهٍ لربها ناظرات

يا إلهي إني مقرّ بذنبي وخطايا جوارحٍ مسرفات

ما جهلت المقام أو كان قلبي مشرئبّاً إلى دروب العصاة

ضعف نفسي وحسن ظني بربي جرّني للقصور في واجباتي

يا رحيما بعبده يا عفوّاً يا محل الآمال والمكرمات

يا إلهي ومن إليه التجائي يا ربيع الأفكار والذكريات

رضّني بالقضاء وامنن بفضلٍ وببردٍ للعيش بعد الوفاة

يا منى خاطري وسلوى فؤادي ليس إلا إلى رضاك التفاتي

منك حولي وقوتي واتكالي يا نصيري فلا تكلني لذاتي

جِدْ على عبدك المرجّى نوالاً من عطايا آلائك المشرقات

واهدي قلبي يا خالقي وارض عنّي فالرضا منك منتهى الأمنيات

أنت ألبستني من الفضل ثوباً بل ثياباً فضفاضةً ضافيات

يا غياث الملهوف من كل كربٍ يا معيناً للمرء في المعضلات

لا تدعني لحادثات الليالي وأجرني مما به الغيب آت

وقني من لهيب نارٍ تلضّى بسياجٍ من التقى والثبات

يا جواداً بلطفه يا عفوّاً لرزايا كبائرٍ أهو هنات

يا ملاذاً تهفو إليه البرايا والمرجى لفك أسر العناة

أُمْحُ عنّي صحائفاً من ذنوبي واعف عنّي يا غافر السيّئات

فاقتراف الذنوب عنوان ضعفي والتمادي في غيّها من سماتي

يا أنيسي عُدّتي واعتمادي وملاذي في ظلمة النائبات

وسروري وبهجتي ورجائي وضيائي في مدلج الحالكات

هذه لوعتي وهذي دموعي واشتياقي وقصّتي وشكاتي

أبتغيها ذخراً ليومٍ عظيمٍ يا إلهي لعلّ فيها نجاتي

وصلاةً زكيّةً وسلاماً للنبي الكريم خير الدعاةِ

بقلم الخطيب الأديب الشيخ: د. ناصر بن مسفر الزهراني

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير