أي: مثل مصدر الفعل الخماسي في الحكم، فيُكتب بهمزة وصل، نحو (استخراج) مصدر (استخرج)، و (استقلال، استقبال، استدلال، استحسان، استيعاب ... )، وفعل الأمر والماضي كالمصدر، فالأمر الخماسي والسداسي يُكتب بهمزة الوصل، نحو (اجتهدْ، اجتمعْ، اتّحدْ –لاحظْ أنّ الحرفَ المشدّد حرفان مُدْغَمٌ أحدهما في الآخر-)، و (استخرجْ، استقبل، استوعبْ)، والماضي الخماسي والسداسي كذلك، نحو (اجتمع، اتّحدَ، اشتركَ، ابتدأ)، و (استخرجَ، استوعبَ، استدلَّ)، وبقيَ موضعٌ لم يذكرْهُ الناظم وهو الأمر من الفعل الثلاثي (كتب، دعا، ذكرَ)، فتكتبُ: (اكتبْ، ادعُ، اذْكُرْ).
ولـ (ابنٍ) انْ تُردْ كتابةَ الألِفْ ... فابدأ بها، كذا جرى به السّلَف
أشار بقوله: (فابدأ) إلى البدايتين: المعنوية والحسّية، فالمعنوية كقولك: (رأيتُ محمداً وابنَ صالحٍ)، فـ (ابن) ليست بدلاً عن (محمد)، فكأنّك بدأت بشخصٍ آخر غير الأوّل، والحسّية: بأن تأتي في أوّل السّطر فتُكتبُ بالألفِ، فشروط حذف الهمزة في (ابن) ثلاثة:
1 - أن تقعَ بين علمين متّصلين 2 - أن تكون نعتاً للعلمِ الأوّلِ 3 - أن تكون مفردةً
فإن فصل بين العلمين لم تُحذف، نحو (حمد هو ابن صالح)، لأن كلمة (هو) فصل بين العلمين، وكذلك (العالمُ ابنُ العالمِ) لأنها وقعت بين اسمين غير علمين، وكذلك (اشتهر العبّاسُ وحمزة ابنا عبد المطلب)، لأنها ثُنّيَتْ، وكذلك (يوسف ابن يعقوب)، جواباً لمن سأل: مَن يوسف؟، فإنها وقعت خبراً لا نعتاً، ومثال موضع الحذف: (محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم).
فائدة: الكنيةُ –كأبي الفضل- واللقب –كزيد العابدين-كالعلَم في الأحكام السابقة، فتقول: (جاء أبو الفضل بن أبي المجد).
والواو في (عمْرٍو) إذا لم ينتصبْ ... لأنّه في النّصبِ مدّاً يصطحِبْ
وُضع الواو في (عمْرو) للتفرقة بينه وبين (عُمَر)، وإنما حُذِفت حال التنوين بالنصبِ؛ لوجود ألف التنوين، وهو المشار إليه بقوله: (مدّاً يصطحب)، و (عُمَر) ممنوع من الصرف، أي: لا ينوّنُ، فلا تلحقه ألف التنوين حال النصب، فعندئذٍ لا ضرورة للواو، وذلك لزوال الالتباس.
وألفاً زدْ مع واوٍ اتّصلْ ... بالفعلِ، والمقصودُ تمييزٌ حصلْ
إذا اتّصل واو الجماعة بالفعل كتبتْ بعدهُ ألفٌ، نحو (قالوا، لن يفعلوا)، وتُسمّى (الألف الفارقة)، لأنّها تفرّق بين واو الجماعة وغيرها من الواوات التي إمّا أن تكون من أصل الكلمة كـ (يدعو)، أو علامةً للرفع في جمع المذكّر السالم والأسماء الستّةِ حالَ الإضافةِ، نحو (مشركو قريش)، و (أخو محمد).
{وفي (أُولى) إشارةٍ أو صحبةِ ... كذا (أولاتُ) الواوَ حشواً أثبتِ}
مضمّنٌ من (تحفة القرّاء) للعلامة الببلاوي المولود سنة 1279هـ رحمه الله، يقول رحمه الله تعالى: (وفي أولى إشارةٍ) وهي اسمُ إشارة للجمع، فتقول: (أولئك المؤمنون)، بكتابة الواو دون لفظها، وإنما زيدتْ فيه تمييزاً له عن (إليك)، وقوله رحمه الله: (أو صحبةِ) يشير إلى (أولي) وهو ملحق بالجمع المذكر السالم، لأنه وصف لا واحد له من لفظه، وواحدُهُ من معناه (صاحبُ)، تقول: (جاءَ أولو العلمِ)، و (أحبُّ أولي العلم)، وكذلك (أولاتُ) وهي بمعنى (صاحبات)، وهي ملحق بجمع المؤنث السالم، تقول: بناتُك أولاتُ أدبٍ، فتزيد الألفَ حشواً، وذلك حملاً على المذكّر (أولو).
و (مئةٌ) بدون مدٍّ قد رجحْ ... لكونه في الزمانِ مُتّضِحْ
قوله: (بدون مدٍّ) إشارة إلى الألف الممدودة، وإنما زيدَتْ الألفُ في (مائة) قبل إعجام الحروف ونقطها، وذلك تمييزاً بينه وبين (منه)، فهما في الرسم سواء، وحُمِل المثنى (مئتان) على المفرد، وأما في حالة الجمع فقد اتّفق العلماء على أنّ الألف لا تزاد فيها، فتكتب (مئات، مئون)، واختار أبو حيّان النحوي حذفَ ألف (مائة)، لزوال المحذور، يقول الدكتور عبد اللطيف الخطيب حفظه الله: ((مما يدعونا إلى حذف هذه الألف أنّ بعض الناس يخطئون في النطق بهذا اللفظ (مائة)، فينطقونها بالألف مع أنها زيدت خطّاً وأهملتْ في النطق))، وعلى هذا عملُ كثير من محقّقي التراث اليوم.
فصل: ما يُلفَظُ ولا يُكتَبُ
وحرفُ تعريفِ أتى من بينِ ... لامين حذفُه بغير مينِ
إذا دخلت لامٌ على اسمٍ مبدوءٍ بلامٍ معرّفٍ بـ (أل) كـ (اللّيل، اللّبن)؛ حُذَفتْ (أل) كراهيةَ اجتماع ثلاثِ لاماتٍ، وهذا بالإجماع، نحو (اللّيل) تقول: (للّيل)، أمّا دخلت على اسمٍ مبدوءٍ بغير اللام معرّفٍ بـ (أل) فلا تحذفْ إلاّ همزة الوصل فقط، نحو (الرجل) تقول: (للرجل)، وخبر (حذفهُ) محذوف تقديره (صوابٌ).
ولامُ موصولٍ أتى في المفردِ ... وجمْعِ تذكيرٍ فقط فلْتَسعَدِ
تُحذَفُ لام الاسم الموصول المفرد أو جمع المذكّر، نحو (الّذي، الّذين)، بخلاف المثنّى أو جمع المؤنّث السالم، نحو (اللّذان، اللّتان، اللاّت)، فتكتَبُ باللامِ.
{وألفاً في اسمِ الإْشارةِ احْذفِ ... معْ لامِ بُعدٍ فاحفظَنْها تُنصِفِ}
قال الببلاوي رحمه الله: (وألفاً) مفعول مقدّم (في اسم الإشارة) يعني: (ذا) (احذفِ) وذلك إذا جاء (معْ لام بُعْدٍ) وهي اللام المكسورة، فتُكتبُ هكذا (ذلك)، أمّا إذا جاءتْ مع اللام المفتوحة –وهي التي تفيد المِلْك- أُثبتتْ الألف، نحو (ذا لَكَ هديةً منّي).
{كذاك ها التنبيهِ فيهِ قد عُرِفْ ... في مثلِ (هذا)، (ههنا) حذفُ الألفْ}
قال الببلاوي رحمه الله: (كذاك) أي: كحذف الألف من اسم الإشارة حذفُها من (ها التنبيه)، نحو (هذا)، و (ههنا)، فإن دخلت ها التنبيه على اسم إشارة مبدوءٍ بالتاء، أو مختومٍ بالكافِ لم تحذفْ، نحو (هاتان)، و (هاذاك)، ولْتعلمْ أنّ في (ههنا) خلافٌ، فأكثرهم يكتبها هكذا (ها هنا)، والخطب سهلٌ.
ونون (عن) و (من) كذاك حرفُ (أن) ... إن تَتّصَلْ بـ (مَن) أوِ الـ (لا) فافْهَمَنْ
تُحذَفُ نون (عن) و (من) إذا اتّصلت بـ (مَن)، نحو (عمّن تسأل؟)، و (ممّن القوم؟)، وكذلك نون (أن) إذا اتّصلت بـ (لا)، نحو (نصحتُك ألاّ تتعبَ)، ففيه لفٌّ ونشرٌ مرتّبٌ.
وقد وصلتُ بعدُ للختامِ ... فالحمدُ للهِ على التمامِ
وأرجو من الإخوان الكرام أن يصلحوا عيباً، ويجمّلوا بيتاً ...
ولا تنسوني من صالح الدعاء؛ فإني على سفر، وسأرجع -إن شاء الله تعالى- بعد أسبوع.
¥