تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أنه يرفض الادعاء بأن اللفظ حقيقة إذا دلّ بقرينة لفظية (التي هي وضعية -خلافا للقرينة الحالية-)، ومجاز إن احتاج إلى قرينة حالية. [ xix] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn19) وقد ذكر –في دفاعه عن هذا الرأي- أنّ


[ xx] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn20)
والظاهر أن قول ابن تيمية: إن "اللفظ لا يستعمل دون قيود لفظية وضعية" لا يبدو منسجما مع فكرة "المعنى المطلق" عند ابن القيّم، التي ستُفصل فيما بعد (4. 8. 3). ولكن ثمة –في واقع الأمر- طريقة للتوفيق بين الرأيين؛ لأن ما يعنيه ابن تيمية بالقيود عام جدا حتى إنه لا يقتصر على ما يقوله المتكلم، بل يشمل أيضا سكوته المناسب في أثناء كلامه.
3 - وفي محاولته تفنيد ثاني حجج مناصري المجاز، يحتج ابن تيمية بأنه على الرغم من أن أحد معنيي (أو معاني) اللفظ متعدد المعنى يتبادر إلى الذهن قبل المعنى الآخر، فإن ذلك لا يسوّغ التفريق بين الحقيقة والمجاز، لأنّ معاني بعض ألفاظ الحقيقة قد تسبق غيرها إلى الذهن، وعلى سبيل المثال، فإن أهل اللغة يُجمعون على أن كلمة "ظهر" حقيقة في دلالتها على ظهر أي حيوان، "ومع هذا فكثير من الناس قد لا يسبق إلى ذهنهم إلا ظهر الإنسان"؛ إذ لا يخطر ببالهم ظهر الكلب، والثعلب، والذئب، والحوت، والنمل، والقمل. وكذلك إذا أقسم إنسان بألا يأكل الرؤوس أو البيض، فسيحمل كلامه عند الفقهاء على ما يؤكل عادة من الرؤوس أو البيض، وليس على رؤوس النمل، أو بيض السمك. [ xxi] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn21)
وهكذا فإن "التبادر" في أصول ابن تيمية ليس عملية ثابتة محددة سلفًا، أو قابلة للتنبؤ، بل هي محكومة بالسياق بحيث إن ما يتبادر إلى الذهن في مقامٍ ما ربما لا يكون كذلك في مقامات أخرى: أي أنه ليس هناك معنى متبادر لكل كلمة في اللغة، بل السياق الذي ترد فيه الكلمة هو الذي يحدد أي المعاني المرجح تبادرها إلى ذهن السامع. [ xxii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn22) وبعبارة أخرى، فإن سبق معنى معيّن إلى الذهن دون غيره لا يعود إلى تنوّع في طبيعة الكلام في حد ذاته، بل إلى عوامل خارجية، كمدى ورود الكلمات في الكلام، ومناسبة المعنى لمقتضى الحال، وزمرة العوامل النفسية المتعلقة بطريقة عمل الذاكرة؛ ولذا فإن رجحان تبادر ظهر الإنسان على ظهر النمل إلى ذهن الإنسان عندما تذكر كلمة "الظهر" راجع إلى أن ظهر الإنسان أكثر استخدامًا في الاستعمال اليومي للغة. [ xxiii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn23)
وطبقًا لابن تيمية، ليس ثمة سمة مميزة في اللفظ نفسه يمكن للمرء أن يفرق بها بين الحقيقة والمجاز مثلما يمكن التمييز بين الجملة الخبرية والاستفهامية. ومهما يكن من أمر، فإذا كان الحال هو أنه لا توجد سمة مميّزة متأصّلة في اللفظ يمكن أن تساعد على تحديد الحقيقة من المجاز، فإن السؤال المطروح هو: لِمَ لا يُعدّ "التبادر" معيارا جيّدا للتمييز بين الحقيقة والمجاز، ولاسيما إذا أخذنا في حسباننا أن المتكلمين السليقيين في البيئة اللغوية نفسها قادرون عادة على اكتشاف المعاني المتبادرة لمعظم –إن لم يك لجميع- كلمات اللغة؟ وإذا وضعنا موقف ابن تيمية من هذه المسألة في سياقٍ حديثٍ فسيؤول الأمر إلى القول بأنه مثلما لا نرى ضرورة لجعل الدولار الكندي، مثلا، معنىً حقيقيًا، والدولار الأمريكي معنىً مجازيًا لكلمة "دولار" عند استخدامها في كندا، فكذا ليس هناك ما يدعو إلى عدّ "الحيوان المفترس" معنىً حقيقيًا و"الرجل الشجاع" معنىً مجازيًا لكلمة "أسد"؛ مادام المعنى المراد من هذه الكلمات يتضح في المقام الذي تستخدم فيه. [ xxiv] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn24)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير