تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتخاطب. [ xxxviii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn38)

كل ذلك يوضح أن النقطة الأساسية لابن القيم هي أن المعنى المفرد إما مطلق أو مقيد، فالمعاني المطلقة يدل عليها بالألفاظ المطلقة، والمعاني المقيدة يدل عليها بالألفاظ المقيدة، وكلا النوعين من المعاني: المطلقة والمقيدة تنتمي إلى الحقيقة (أي إلى الاستخدام السليم للغة). ولذلك فإن لفظ "الأسد" حقيقة سواء أريد به الحيوان المفترس أو الرجل الشجاع؛ لأن المعنى المراد في كلتا الحالين محكوم بالقرينة الحالية، ولأنه ليس من المهم أكانت القرينة وجودية أم عدمية. ومع أن التمييز بين القرائن الوجودية والعدمية لا يبدو أنه استخدم من لدن ابن تيمية أو ابن القيم، غير أنه ضروري في أصولهما، ولاسيما فيما يتصل بالتفريق بين الدلالة الوجودية والدلالة العدمية، والتفريق بين المعنى المطلق والمعنى المقيّد؛ إذ لا يمكننا أن نجزم أن هذين التفريقين يمكن تفسيرهما دون الرجوع إلى هذا التمييز.

فإذا قارنا بين تفسير ابن تيمية وتفسير الجمهور للمجاز، فقد يمكننا القول أن تفسير ابن تيمية يسمح بمفهوم واسع للمعنى يمكننا أن ندرج فيه ما يسميه جمهور الأصوليين حقيقة، وما يسمونه مجازا. وهكذا فبدلا من القول بأن المعنى الحقيقي لكلمة "بحر" هو القدر الكبير من الماء، وقد تستخدم للإشارة مجازا إلى واسع العلم، يرى ابن تيمية أن البحر في إطلاقه يعني "الاتساع" ويمكن أن يستخدم تبعا للقرينة المناسبة للإشارة إلى البحر، أو إلى اتساع العلم. [ xxxix] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn39) ومن ثمّ، فليس هناك فرق في المقاربة السلفية بين العلاقة التي تربط بين "سواد الحبر"، و"سواد القار"، والعلاقة الرابطة بين البحر، والإنسان الواسع المعرفة: فكما أن كلمة "أسود" التي هي من المشككات تدل على السوادين: سواد الحبر وسواد القار، ويمكن أن يشار بها إلى أيٍّ منهما، فكذلك كلمة "بحر" يمكن أن تستخدم للإشارة إلى اتساع الماء، وإلى اتساع العلم. [ xl] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn40)

وينطبق هذا أيضا على كلمة "ذوق" التي يعاملها الجمهور على أن لها معنى حقيقي واحد هو وجود طعم الطعام أو الشراب في الفم، أما بقية المعاني فيعدونها معاني مجازية. وهذا في رأي ابن تيمية تصور غير سليم؛ لأن معنى "الذوق" في الواقع هو "وجود طعم الشيء" كما يذكر الخليل ابن أحمد الفراهيدي (175هـ/791م) سواء أكان طعامًا أم لا. وقد اقتبس ابن تيمية عددا من النصوص لدعم دعواه، ومن ذلك قوله تعالى: [ xli] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn41)

(1) { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. [ xlii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn42)

(2) { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا}. [ xliii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn43)

(3) { لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}. [ xliv] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn44)

(4) { لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا}. [ xlv] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn45)

وبناء على ذلك، فبدلا من القول بأن "الذوق" تعني "وجود طعم الطعام أو الشراب" ويمكن أن تستخدم مجازًا للإشارة إلى أنواع أخرى من الذوق، يقول ابن تيمية: إن "الذوق" يمكن أن "يستعمل في كل ما يحسّ به"، وتقدم لنا القرينة الوسيلة الحقيقية التي يمكن بها اكتشاف المعنى المراد.

وعلى الرغم من أن هذا التفسير قد يبدو غريبا فالظاهر أن بعض مصنفي المعاجم كإسماعيل بن حمّاد الجوهري يجدونه عمليًّا حتى إنهم يفضلون أن يعاملوا كلمات مثل "بحر" على أن لها نطاقًا واسعًا من الاستخدامات، وليس على أن لها معاني مختلفة؛ ولذا فإن "البحر" ينطبق على البحر المعروف لعمقه، وسعته، وعلى الفرس واسع الخطا، وعلى كل نهر كبير. [ xlvi] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_edn46)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير