تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ربنا إليك نفرغ من مداحض القدم، و بك نستعصم في ما يجري به القلم، و نشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك بارىء النسم، و مفيض النعم، و باسط الوجود على العدم، شهادة نعدها للنجاة إذا اشتدت الغمم، ونتقي بها النار ذات الضرم، و نشهد أن محمدا عبدك و رسولك سيد من دعا إلى توحيدك من بين الأمم، و سلطان من طهر الأرض من عبادة الصنم، المنزل عليه كلامك الموصوف بالقدم، المبعوث بالآيات الباهرة و الحكم، اللهم صل عليه و على آله لهاميم العرب، و معادن الكرم، و أصحابه حملة الكتاب و ليوث الكتائب في المزدحم، الذين أشرقت شموسهم في الشرق و الغرب فأماطت الظلم و أنارت الظلم، و سلم يارب كثيراً.

و بعد فإنه مما يجب أن يخلد في الصدور قبل السطور، و أن يكتب على الحدق قبل الورق، أن حفظ التاريخ الشرط الأول لحفظ الأمم و نموّها، ورقىّ الأقوام و سموّها، و أنه لا يتصور على وجه الكرة وجود أمة تشعر بذاتها، و تعرف نفسها، قائمة بنفسها إلا إذا كانت حافظة لتاريخها، واعية لماضيها، متذكرة لأوليّتها و مبادئها، مقيدة لوقائها مسلسة لانسابها، حاشدة لاحسابها، خازنة لآدابها، مما لا يقوم به إلا علم التاريخ الذي هو الواصل بين الماضي و المستقبل، و الرابط بين الآنف و المستأنف. و إنه لا جدال في كون الأمة العربية التي تتحفز لتنباع و تستوفز لتمدّ طائل البائع، لم تكن لتحدث نفسها بالنهوض الذي جعلته نصب نواظرها و الاتحاد الذي سيّرته شغل خواطرها لو لم تكن رقت امن رئاسة الممالك فيها غير هاتيك الدرجات العالية، و طالعت من تاريخها تلك الصفحات المتلالية فجعلت الحاضر منها يخجل أن يقصر عن شأو الغابر و يستطار أن يعلم أباه سيداً في الأوائل و هو عبد في الأواخر، فكان إذا تاريخ العرب هو عمدة العرب فيما يطمحون إليه من معال، و وسيلتهم فيما يندفعون إلى تحقيقه من آمال.

و لعمري إن هذا التاريخ المجيد و إن سقته سيول المحابر و اخضرّت له أعواد المنابر، و سبقت فيه تآليف استولى أصحابها على الأمد إخراجها، و لمعت فيه كتب لو لاحت لكانت بروجا، و لو نضدت لكانت أبراجاً، لا تزال فيه نواقص بادية العوار و معالم طامسة الآثار، و مظان متوارية غامضة، و معلومات قاعدة غير ناهضة، تحتاج إلى همم بعيدة من الأفواج الآتية، ليثيروا من دفائنها، و إلى معارف و اسعة عند السلائل المقبلة لينثلوا من كنائنها ... الخ)) ا. هـ ٍ [تاريخ غزوات العرب: في فرنسا و سويسرا و إيطاليا و جزائر البحر المتوسط؛ 4 - 5]

و هو أيضا شاعر مطبوع، و إن كان قد أخير عن نفسه كما في كتابه (شوقي أو صداقة أربعين سنة) أنه منذ الصغر كان يسعى لأن يكون كاتبا، لا شاعرا، ومع ذلك جعله الرافعي في مقاله المشهور في مجلة الثريا، من الطبقة الثانية من الشعراء مع أحمد شوقي، و قد طبع ديوانه باسم (الباكورة)، فإن تيسر نقلنا لكم شيء منه في المستقبل.

و سيرته و أخباره كثيرة، و قد كتب عنه الشرباصي، و صاحب الشورى العراقي محمد جواد.

و الله الموفق.

ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[03 - 07 - 07, 05:33 م]ـ

أما بالنسبة لعلامة الجزائر الشيخ الرئيس الإبراهيمي، فقد ذكر عنه الطنطاوي أمرا عجيباً، حيث يقول عنه عندما التقى به في الشام، و قد ركب معه في سيارة فكان الطنطاوي في الأمام، و الإبراهيمي في الخلف، وثالث يقود، فما إن عرف اسمه (علي الطنطاوي) حتى أثنى على مقالاته، ثم كانت الصاعقة!، أن الإبراهيمي بدأ يُسمع الطنطاوي مقالاته بحروفها، و قد حفظها!!، مما جعله يقف مدهوشا لهذه الذاكرة الخارقة، و يقول و أنا كاتبها لا أحفظها، فسبحان الله.

هذا خبر عزيز غريب جدا أخي أبا مشاري .. لولا عزوتموه إلى مصدره. فإني ذاكر أني قرأت تعداد الطنطاوي (رحمه الله) لشيوخه في أول كتابه الشهير: "تعريف عام بدين الإسلام" فذكر من بينهم: "محمد البشير الإبراهيمي"!

كما أن البشير رجع إلى الجزائر قبل 1930، وكان الشيخ الطنطاوي (رحمه الله) يومها، في أول حياته الأدبية والفكرية (ولد الشيخ عام 1909، لكنه بدأ التدريس في سن الثامنة عشرة) .. إلا أن يكون الشيخ الطنطاوي ذكر الخبر على وجهه في ذكرياته (التي أرجو أن أقرأها قريبا) .. فيكون الخبر صحيحا صريحا.

كان الظن بالأخوة الكرام أن تكون المشاركات أكثر من هذا،

و لعلنا نشتكي كما اشتكى أخونا الطيبي في موضوعه (رسالة الضب للإبراهيمي)، من القلة الواردة على حياض علوم الأدب، و التي قد يعدها البعض من إضاعة الوقت، ناسيا كلام العلماء في المُلح و الإحماض، علاوة على ذلك أنه يزيد الحق وضوحا، و إن من البيان لسحرا.

صدقت أخي أبا مشاري حفظك الله، لكني (ولا يغضب مني أهل الملتقى) ألاحظ أن الأعضاء لم يعودوا يتفاعلون مع ما يكتب إلا قليلا، إلا إن كتب أحد الشيوخ الكبار المعروفين في الملتقى! وفي هذا ظلم لصغار "المسددين المقاربين" من أمثالنا .. فهلا شجعتم وساعدتم ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير