[من حجج القرآن العظيم]
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:50 ص]ـ
الحمد لله الذي لا إله إلا هو، له الحجة البالغة، والنعم السابغة، أصدق القيل قيله، وأحسن الحديث حديثه، وأنصع البيان بيانه، وأحكم القول قوله، لا ترى فيه عوجاً ولا اختلافاً، ولا إملالاً ولا إجحافا، يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
وإن من أشرف العلوم وأجزل الهبات ما يمن الله به على من يشاء من عباده من فقه حججه وبيناته، ما ينصرون به الحق، ويعلون رايته، ويكبتون به أهل الباطل، وينكسون غايته، كما قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) فسماها حجتَه ونسبها إليه تعالى ذكره، وتلك الإضافة الشريفة تقتضي ما تقتضيه من علو شأنها، وثبات أركانها، وإحكام بيانها، وشرفها وفضلها.
ثم ما ذكر من مَنِّه بها على خليله الكريم إبراهيم عليه السلام في موقف عظيم نصر الله فيه الحق وأعلاه، وكبت الباطل وأخزاه، ما يدل على شرفها وفضلها.
ثم ما يدل عليه عموم قوله تعالى: (نرفع درجات من نشاء) ما يجعل المؤمن مشرئباً لنيل هذا الشرف العظيم، والرفعة عند ربنا الكريم.
ثم ختمه الآية بقوله: (إن ربك حكيم عليم) يلخص أركان الحجة البالغة، ويبين أنها متلقاة من لدن ربنا الحكيم العليم.
فذِكْرُ الربوبية الخاصة في هذه الآية يدل على أنها لا تنال إلا بتعليم الله جل وعلا وحسن توفيقه وتأييده ونصره إلى غير ذلك من معاني الربوبية الخاصة التي جعلها الله لأوليائه.
وذكر صفتي العلم والحكمة على صيغة المبالغة يفيد أن الحجة البالغة قائمة على قوة العلم وشدة الإحكام.
فحجة الله شريفة بنسبتها وإضافتها إليه، وشريفة بحسن أوصافها، وعظيم شأنها وشرف غايتها.
فغايتها إعلاء كلمة الله، ونصرة ودينه.
ومبناها على العلم والحكمة والإحكام.
واستمدادها من ربوبيته الخاصة؛ فهي من نعمه العظيمة الخاصة التي يختص بها من يشاء من أوليائه.
كل ذلك يدعو أولياء الله الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته إلى العناية بفقه حجج الله في كتابه العظيم، وأن يتعلموا منها ما يعدهم لنصرة الحق وإزهاق الباطل
ولعلنا في هذا الموضوع نتدارس بعض هذه الحجج البليغة في القرآن العظيم، فيتكلم كل بما فتح الله عليه في هذا الباب من لطائف التفسير والاستنباطات، ولطائف النقول عن العلماء
ما يثري البحث في هذا الموضوع المهم، وهو باب نفيس من أبواب العلم
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:51 ص]ـ
ومن بدائع حجج القرآن قوله تعالى:
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)
قالَ ابنُ القيِّمِ – رحمه الله تعالى-في مدارج السالكين:
(وقد قَطَعَ اللهُ الأسبابَ التي يَتَعلَّقُ بها المشركونَ جميعَها قَطْعًا، يَعْلَمُ مَن تَأَمَّلَهُ وعَرَفَهُ أنَّ مَن اتَّخَذَ مِن دونِ اللهِ وليًّا، فمَثَلُهُ كمَثَلِ العَنْكَبوتِ اتَّخذَتْ بيتًا وإنَّ أَوْهنَ البيوتِ لبيتُ العنكبوتِ، فالمشركُ إنَّما يتَّخِذُ مَعْبودَهُ لِما يَحْصُلُ لَهُ بهِ من النَّفْعِ، والنَّفْعُ لا يَكُونُ إِلاَّ ممَّن يكونُ فيه خَصْلَةٌ مِن هذه الأَرْبعِ:
- إمَّا مالكٌ لِما يُرِيدُ عَابِدُهُ منه.
- فإنْ لم يَكُنْ مَالِكًا كانَ شريكًا للمالكِ.
- فإنْ لم يكنْ شريكًا لَهُ كانَ مُعِينًا له وظَهِيرًا.
- فإن لم يكنْ مُعِينًا ولا ظَهِيرًا، كانَ شَفيعًا عندَهُ.
¥