ظَلِلْت بِهَا أَبْكِي الرّسُولَ فَأَسْعَدَتْ - - عُيُونٌ وَمِثْلَاهَا مِنْ الْجَفْنِ تُسْعَدُ
يُذَكّرْنَ آلَاءَ الرّسُولِ وَمَا أَرَى - - لَهَا مُحْصِيًا نَفْسِي فَنَفْسِي تَبَلّدُ
مُفَجّعَةً قَدْ شَفّهَا فَقْدُ أَحْمَدَ - - فَظَلّتْ لِآلَاءِ الرّسُولِ تُعَدّدُ
وَمَا بَلَغَتْ مِنْ كُلّ أَمْرٍ عَشِيرُهُ - - وَلَكِنْ لِنَفْسِي بَعْدَ مَا قَدْ تُوجَدُ
أَطَالَتْ وُقُوفًا تَذْرِفُ الْعَيْنَ جُهْدُهَا - - عَلَى طَلَلِ الّذِي فِيهِ أَحْمَدُ
فَبُورِكَتْ يَا قَبْرَ الرّسُولِ وَبُورِكَتْ - - بِلَادٌ ثَوَى فِيهَا الرّشِيدُ الْمُسَدّدُ
وَبُورِكَ لَحْدٌ مِنْك ضُمّنَ طَيّبًا - - عَلَيْهِ بِنَاءٌ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضّدِ
تَهِيلُ عَلَيْهِ التّرْبَ أَيْدٍ وَأَعْيُنٍ - - عَلَيْهِ وَقَدْ غَارَتْ بِذَلِكَ أَسْعُدُ
لَقَدْ غَيّبُوا حُلْمًا وَعِلْمًا وَرَحْمَةً - - عَشِيّةَ عَلَوْهُ الثّرَى لَا يُوَسّدُ
وَرَاحُوا بِحُزْنِ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيّهُمْ - - وَقَدْ وَهَنَتْ مِنْهُمْ ظُهُورٌ وَأَعْضُدُ
تَبْكِي السّمَاوَاتُ يَوْمَهُ - - وَمَنْ قَدْ بَكَتْهُ الْأَرْضُ فَالنّاسُ أَكْمَدُ
وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيّةُ هَالِكٍ - - رَزِيّةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمّدُ
تَقَطّعَ فِيهِ مَنْزِلُ الْوَحْيِ عَنْهُمْ - - وَقَدْ كَانَ ذَا نُورٍ يَغُورُ وَيَنْجَدُ
يَدُلّ عَلَى الرّحْمَنِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ - - وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الْخَزَايَا وَيُرْشَدُ
إمَامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمْ الْحَقّ جَاهِدًا - - مُعَلّمُ صِدْقٍ إنْ يُطِيعُوهُ يُسْعَدُوا
عَفُوّ عَنْ الزّلّاتِ يَقْبَلُ عُذْرَهُمْ - - وَإِنْ يُحْسِنُوا فَاَللّهُ بِالْخَيْرِ أَجْوَدُ
وَإِنْ نَابَ أَمْرٌ لَمْ يَقُومُوا بِحَمْلِهِ - - فَمِنْ عِنْدَهُ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدّدُ
فَبَيْنَا هُمْ فِي نِعْمَةِ اللّهِ بَيْنَهُمْ - - دَلِيلٌ بِهِ نَهْجُ الطّرِيقَةِ يُقْصَدُ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجُورُوا عَنْ الْهُدَى - - حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْتَدُوا
عُطُوفٌ عَلَيْهِمْ لَا يُثْنَى جَنَاحُهُ - - إلَى كَنَفٍ يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَيَمْهَدُ
فَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ النّورِ إذْ غَدَا - - إلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنْ الْمَوْتِ مُقْصِدُ
فَأَصْبَحَ مَحْمُودًا إلَى اللّهِ رَاجِعًا - - يَبْكِيهِ حَقّ الْمُرْسَلَاتِ وَيُحْمَدُ
وَأَمْسَتْ بِلَادُ الْحَرَمِ وَحْشًا بِقَاعِهَا - - لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنْ الْوَحْيِ تَعْهَدُ
قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللّحْدِ ضَافَهَا - - فَقِيدٌ يَبْكِيهِ بَلَاطٌ وَغَرْقَدُ
وَمَسْجِدُهُ فَالْمُوحِشَاتُ لِفَقْدِهِ - - خَلَاءٌ لَهُ فِيهِ مَقَامٌ وَمَقْعَدُ
وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثُمّ أَوْحَشَتْ - - دِيَارٌ وَعَرْصَاتٌ وَرَبْعٌ وَمَوْلِدُ
فَبَكّى رَسُولَ اللّهِ يَا عَيْنُ عَبْرَةً - - وَلَا أَعْرِفَنّكِ الدّهْرَ دَمْعُك يَجْمُدُ
وَمَا لَك لَا تَبْكِينَ ذَا النّعْمَةِ الّتِي - - عَلَى النّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يَتَغَمّدُ
فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدّمُوعِ وَأَعْوِلِي - - لِفَقْدِ الّذِي لَا مِثْلَهُ الدّهْرُ يُوجَدُ
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ - - وَلَا مِثْلُهُ حَتّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ
أَعَفّ وَأَوْفَى ذِمّةً - - بَعْدَ ذِمّةٍ وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلًا لَا يُنَكّدُ
وَأَبْذَلَ مِنْهُ لِلطّرِيفِ وَتَالِدٍ - - إذَا ضَنّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يُتْلَدُ
وَأَكْرَمَ صِيتًا فِي الْبُيُوتِ إذَا انْتَمَى - - وَأَكْرَمَ جَدّا أَبْطَحِيّا يُسَوّدُ
وَأَمْنَعَ ذَرَوَاتٍ وَأَثْبَتَ فِي الْعُلَا - - دَعَائِمُ عِزّ شَاهِقَاتٌ تُشَيّدُ
وَأَثْبَتَ فَرْعًا فِي الْفُرُوعِ وَمَنْبَتًا - - وَعُودًا غَذّاهُ الْمُزْنُ فَالْعُودُ أَغْيَدُ
رَبّاهُ وَلَيَدًا فَاسْتَتَمّ تَمَامُهُ - - عَلَى أَكْرَمِ الْخَيْرَاتِ رَبّ مُمَجّدُ
تَنَاهَتْ وَصَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِكَفّهِ - - فَلَا الْعِلْمُ مَحْبُوسٌ وَلَا الرّأْيُ يُفْنَدُ
أَقُولُ وَلَا يَلْقَى لِقَوْلِي عَائِبُ - - مِنْ النّاسِ إلّا عَازِبُ الْعَقْلِ مُبْعَدُ
وَلَيْسَ هَوَايَ نَازِعًا عَنْ ثَنَائِهِ - - لَعَلّي بِهِ فِي جَنّةِ الْخُلْدِ أُخْلَدُ
مَعَ الْمُصْطَفَى أَرْجُو بِذَاكَ جِوَارَهُ - - وَفِي نَيْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ أَسْعَى وَأَجْهَدُ
ـ[محمد الاسلام]ــــــــ[21 - 10 - 08, 10:55 م]ـ
ابن الرومي
عدوك من صديقك مستفاد - - فلا تستكثرنَّ من الصِّحابِ
فإن الداءَ أكثرُ ما تراهُ - - يحول من الطعام أو الشراب
إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً - - مُبيناً، والأمورُ إلى انقلابِ
ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ - - مُصاحبةُ الكثيرِ من الصوابِ
وإنّك قلّما استكثرت إلاّ - - وقعت على ذئابٍ في ثياب
وما اللُّجَجُ المِلاحُ بمُروياتٍ - - وتلقى الرِّيّ في النُّطَفِ العِذابِ
فدع عنك الكثير فكم كثيرٍ - - يعاب وكم قليلٍ مستطاب
¥