تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن ذلك أن الله أهبط آدم إلى الأرض وأخرجه من الجنة بسبب المعصية والانقياد لوساوس الشيطان وقصَّ الله علينا خبر ذلك في القرآن ليكون زاجراً فعالاً في النفوس ومحذراً لها من المصير إلى الشدة بعد الرخاء ومن الأمن إلى الخوف ومن الاجتماع إلى الفرقة ومن الأنس إلى الوحشة, وهكذا ..

ب- إفساد الأرض ومحق البركات وذلك معنى قول الله (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) قال مجاهد عليه رحمة الله فيما أورده عنه الطبري عند قوله تعالى (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) قال: إذا تولى سعى في الأرض بالعدوان والظلم فيحبس الله بذلك القطر فيهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد قال: ثم قرأ مجاهد: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} قال: ثم قال: أما والله ما هو بحركم هذا ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر). وأضف إلى ذلك قول الله تعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) فمفهوم المخالفة لذلك أن التنكب للشريعة والصد عنها وترك الإلزام والالتزام بها مجلبة للآفات وتعرض للفاقات, وإلا لما وعد الله على الطاعة انتشار الخير وعموم الرخاء وبركة الأرزاق في غير آية من القرآن منها: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب) (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا) وهذا وإن لم يكن مطرداً لاحتمال استدراج الله أقواماً يعصونه ويحاربونه بالنعم لينسيهم الشكر والتوبة ثم يأخذهم على حين غرة فلا يفلتون كما قال الله (ثم بدلنا مكان السيئة حسنةً حتى إذا عفوا وقالوا قد مس آبائنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) , كما أن امتحان الله لأوليائه وأصفيائه بضيق العيش لاستخراج الرضى عنه والتسليم له منهم كثير الوقوع ولا أدل على ذلك من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومن حال أبأس أهل الدنيا الذي جاء في الصحيح أنه (يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط)

ج- تعريض المجتمعات للمصائب والبلايا مؤاخذة لها ببعض ما كسبت ولو آخذها الله بجميع سيئاتها لما بقي على الأرض مخلوق طرفة عين, وهذا من أعز وأندر ما يتناوله الناس بالحديث والاهتمام اليوم بل إن كل عقوبة وبلاء تحصل في الأرض إنما هي بسبب معصية, قال تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) قال شيخ الإسلام رحمه الله: (و القرآن يبين فى غير موضع أن الله لم يهلك أحدا و لم يعذبه إلا بذنب) 14/ 424

ومن المؤسف اليوم أن ترجع أسباب كل ذلك إلى الطبيعة والأسباب الحسية المشاهدة المبنية على التخمين وينسى فيها جانب العظة والتذكير والتخويف بالله , ومن ثمار هذا التناسي رصد المواقع لمتابعة الكسوف ومشاهدته والاجتماع لذلك مع أن النص الشرعي أثبت أنه آية يخوف الله بها عباده فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده) رواه البخاري, فلا حول ولا قوة إلا بالله ,واللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا, قال الله تعالى (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً) قال قتادة رحمه الله (إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الايات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه, وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرات فقال عمر: أحدثتم والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن) ابن كثير3/ 67 , ومن موارد حصول الكوارث بسبب العصيان قوله تعالى عن أهل سبأ الذين كفروا بالنعمة وتجرأوا على الله , فقلب حالهم وبين سبب تغير أحوالهم من الرغد والرخاء والشبع ودنو الأسفار إلى الشدة والفاقة والجفاف وانقطاع الأرض بهم, بقوله تعالى (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) وقوله تعالى (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير