والحق أنه لا حجة لأصحابنا في الآية لأن صيغتها صيغة الخبر بدليل رفعها الفعل بعدها وعلامة رفعه ضم سينه والأصل في المعنى أن يكون تابعا للصيغة فلا يعدل بالمعنى عنها إلا لدليل صالح، وما ظنوه دليلا ليس بصالح للتأويل ولا ضرورة إليه.
454
[اعتراض] وإنما لزمه مائة على الثاني لأن الظاهر مع البائع أنه إنما أراد أن يكون الثمن بعد الوضيعة مائة كاملة وذلك كثير في عرف الناس واصطلاح الباعة أن أحدهم أكثر ما يقصد أن يكون ثمنُ سلعته عقدا صحيحا إذا وقف المشتري قريبا منه، حتى إنهم اصطلحوا على قول أحدهم للآخر (اختم الضوء) ومعناه كمل العقد ولا تجعل داخله نقصا، فيكون ذلك كالشق في الحائط يدخل به الضوء وافعل كما يفعل البناء إذا بقي له في عقد السقف أو غيره موضع لبنة يجعلها في موضعها يختم بها الضوء.
وكثرة هذا منهم قرينة صالحة تدل على أن المراد هاهنا بعد الوضيعة مائة كاملة والقرائن معتبرة شرعا فحمل لفظه على ما يتم معه مراده
455
حروف الصفات يقع بعضها موقع بعض توسعا في اللغة والمجاز من غير اضطرار وجاء به القرآن ولغة العرب نحو قوله تعالى: {يحفظونه من أمر الله} أي بأمره {يسرناه بلسانك} {تأمنه بقنطار} أي عليه وذلك كثير في اللغة.
457
حقيقة الغيرين ما صح انفصال أحدهما عن صاحبه مع بقاء اسم كل واحد منهما
458
الماضي يستعمل بمعنى المستقبل والمستقبل بمعنى الماضي كثيرا في اللغة توسعا وتجوزا
فمن الأول قوله تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس} الآية، أي يقول له يوم القيامة: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} هو في موضع المستقبل؛ لأن ذلك يكون يوم القيامة.
/ ومن الثاني قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد} {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان} أي (وإذ رفع) (وما تلت) وذلك كثير
وإنما تعارض الماضي والمستقبل هذه المعاضرة لاشتراكهما في العدم؛ فإن الماضي يصير في حيز العدم، والمستقبل قبل وجوده كذلك
459
الأصل إجراء اللفظ على مقتضاه الوضعي
........
علامة الشيء قد تتقدمه وتقارنه وتتأخر عنه
462
وينبغي أن يفصل في هذه المسألة وما أشبهها فيقال: إن كان الواقف بهذه الصيغة يعرف مقتضى هذه الأدوات عُمل بمقتضاها وإن لم يعرف مقتضاها فإن نوى خلافه عمل بمقتضى نيته دون لفظه لأن نطقه بهذه الحروف مع جهله بمقتضاها كعدمه كمن قال: أنت طالق طلقة في طلقتين ولا يعرف مقتضاه عند الحساب فإن الثلاث تلزمه تسوية بين نطقه وعدمه بالنسبة إلى جهله بمقتضاه، ولأن اللفظ والنية إذا اجتمعا فيما تؤثر فيه النية كان الحكم لها كما لو نوى بقلبه الظهر وسبق لسانُه فقال: العصر وإن نوى وفق المقتضى عُمِل على ذلك اعتمادا على النية فقط.
وهذا أصل يتفرع عنه ما إذا جمع في الابتداء دون الانتهاء نحو وقفت على زيد وعمرو وبكر ثم على بشر ثم على خالد فإن الثلاثة الأول يستحقونه مجتمعين ولا شيء لبشر منه حتى ينقرض من قبله وكذلك خالد مع بشر، وعكس هذه الصورة إذا رتب ابتداء وشرك انتهاء نحو وقفت على خالد ثم بشر ثم زيد وعمرو وبكر فاعكس الحكم
463
[تكلم عن مسألة التثنية والجمع، وذكر من أدلتها {فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون}، {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} {وداود وسليمان ... وكنا لحكمهم شاهدين} {وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون}
466
التثنية لفظية كرجلان والزيدان ومعنوية نحو {صغت قلوبكما} وضربت وجوههما ورؤوسهما وهو مختص بما في الجسد منه اثنان بأن لا يجمع لفظ واحد بين علامتي تثنية كما قالوا في مسلمات وبابه، لا يرد (رجلاهما وعيناهما) لأن ما في الجسد منه اثنان آلة مركبة والآلة المركبة كالمفردة لاشتراكهما في إيجاد الغرض المطلوب فجرى قوله عيناهما وأذناهما مجرى سمعهما وبصرهما
467
الفرق بين حد التثنية والجمع وأحكامهما منقول عن أهل اللسان تواترا
469
نفي الحقيقة كاذب ونفي المجاز صادق، فإذا قلنا: الرجلان ليسا برجال، والرجال ليسوا رجلين صدق هذا النفي، كما تقول: زيد ليس بأسد ولا حمار، ولا يصدق الرجلان ليسا رجلين كما لا يصدق: الأسد ليس بأسد والحمار ليس بحمار
/ فثبت أن التثنية جمع مجازا؛ لوجود معنى الجمع وهو الانضمام فيها.
¥