تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-و من الحقائق الثابتة فيعلم الاجتماع أن المغلوب مولع بتقليد الغالب كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في المقدمةحيث قال:" المغلوب مولع أبدا بتقليد الغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال فيمن غلبها.

ولذا فقد أدرك السلفالناصحون ذلك، فحذروا من التحدث بغير العربية لمن يحسن العربية، لما في ذلك من استبدالالذي هو أدنى بالذي هو خير. قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله:" وما زال السلفيكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات وهو التكلّم بغير العربية إلاّ لحاجة، كما نصّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: (مَنْ تكلّم في مسجدنا بغيرالعربية أُخرِجَ منه) مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوغوهاللحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام ". ونقل شيخ الإسلام عنالإمام أحمد كراهة الرَطانةِ، وتسميةِ الشهورِ بالأسماءِ الأعجميّةِ، والوجهُ عندالإمام أحمد في ذلك كراهةُ أن يتعوّد الرجل النطقَ بغير العربية.

و من أسباب منع التحدث بغير العربية الحذر من نطق كلام لا يعرف معناه وقد يكون شركا او سبا لله و للدين و ايضا فان اعتياد ذلك من التشبه بالاعاجم و قد نهينا عن التشبه بهم

وما أبدع ما خطه يراع الرافعي في وصف حال من يتبجح بالحديث باللغة الأجنبيةحيث يقول:" وإننا لنرى عجبا من بعض من استهوتهم الحضارة الغربية، فهم مستغربون فياتجاههم وحبهم وعاداتهم، فتجد أحدهم إذا تكلم بالعربية فإنه يتكلم بلغة تلعنهاالعربية،، ورأيته يتكلف نسيان بعض الجمل العربية ليلوي لسانه بغيرها، لا تظرفا ولاتملحا ولا إظهارا لقدرة أو علم، ولكن استجابة للشعور الأجنبي الخفي المتمكن فينفسه، أتدري ما هو سر هؤلاء الكبراء الذين يطمطمون إذاتكلموا فيما بينهم؟ إنهم طبقات: وذكر منهم من يتكلفون هذا لما في نفوسهم من طباع أحدثها الخضوعوالذل للغرب. فاللغة الأجنبية بينهم تشريفوفخر.

وأما الثالثة: فإنهم يعمدون إلى هذا ويريدون به عيب اللغة العربيةوتهجينها، وذلك من عداوتهم للدين الإسلامي.

وهناك بعض من يتكلم ببعض الكلماتالأجنبية غفلة منه وجهلا، فيقول على سبيل المثال:" النرفزة"، وهو قادر على أن يقولالغضب،

- و ههنا نوضح أمرا وهو أن تعلم لغة أخرى لضرورة ملحة، أو أمر طارئ - لا غبار عليه؛ بل إن تعلمها للحاجة جائز بلومشروع فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلمفتعلمت له كتاب يهود – وفي رواية: بالسريانية – وقال: إني والله ما آمن يهود علىكتابي، فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته وحذقته، فكنت أكتب له إليهم وأقرأ لهكتبهم". ففي هذا الحديث دلالة صريحة على أن تعلم العلوم الدنيوية التي فيها نفععام للمسلمين مقصودة للشارع، مأجور عليها إن صلحت النية. وانظر إلى الإمام محمد بنعبدالباقي الأنصاري (ت 535هـ) لما أسر في أيدي الروم لم يترك وقته يضيع سدى بل تعلممنهم اللغة الرومية والخط الرومي لعله قد يحتاج إليها يوما

4 - و من المؤامرات أيضا ضد العربية إيقاف مشروع التعريب في البلدان المغربية بحجة أن التعريب أدى للأصولية والتطرف

و أنه لما قام بعض المخلصين بتعريب المصطلحات والكلمات، قامت السخرية بالترجمة، أو بالتعريب، وقالوا: أتريدون؟ ترجمة الـ ( Sandwich ) إلى شاطر ومشطور وبينهما طازج؟ سبحان الله! من الذي قال أن هذه ترجمة ( Sandwich )؟ ما هو الشاطر؟ أليس السكين؟ والمشطور هو الشطيرة؟ كيف تكون ترجمة ( Sandwich ) سكين وشطيرة؟ عندنا كلمة واحدة نقولها شطيرة أو فطيرة، وإذا كان ( Sandwich ) هو اسم الشخص الذي اخترع الفكرة، ( Bantlwoni ) ( وبنطلوني) اسم الذي فصَّل هذا أول ما فصّله، فبأي شيء يتبجحون علينا والقضية قضية أسماء؟! وأشيعت المفردات الأجنبية في كتب اللغة العربية والمدارس العربية والجامعات العربية، مع أن لها بدائل واضحة وسهلة، أدخلت كلمة ( Biology ) مع أننا بسهولة نقول: علم الأحياء، و ( Ficology ) مع أننا بسهولة نقول: علم وظائف الأعضاء، و ( Sociology ) مع أننا نقول بسهولة: علم النفس، وهكذا ... لكنَّ رنين الكلمة الذي يوحي بالتقدم والحضارة عند المنهزمين من أبناء جلدتنا صاروا يرطنون بهذه الألفاظ في كلامهم؛ ليدللوا على أنهم متقدمون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير