تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقالَ ابنُ المقفع في كليلة ودمنة: (ينبغي للملك أن يحصّن أموره من أهل النميمة) يحتملُ الضرب الثاني والثالث والرابع.

وقال في الأدب: (ولكن ينبغي لكَ في حبِّ ما تُحب من الخير التحاملُ على ما تستثقلُ منه) يحتمل الثلاثة.

وقالَ في الآيين (3): (ينبغي للحاكم أن يعرفَ القضاءَ الحقَّ العدْلَ ... ) وهو أقربُ إلى الضرب الثاني.

وفي نهجِ البلاغة المنسوب إلى عليٍّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (وإنَّمَا ينبغِي لأهلِ العِصمة والمصنوعِ إِليهِم في السَّلامةِ أن يرحمُوا أهلَ الذُّنُوبِ والمَعْصيةِ). من الثاني.

المسئلةُ الخامسة: في حكمِ قولِ (ينبغي ألا يكونَ كذا):

أما قولُ (ينبغي للمسلم ألا يعصيَ ربه) فلم أجده شائعًا في كلامِ البلغاء المتقدِّمينَ. ومما وردَ منه قولُ ابن المقفع في (كليلة ودمنة): (ينبغي للعاقلِ ألا يغفُل عن التماس ما في نفسِ أهله وولده).

وتوجيه ذلك كتوجيه: (ينبغي) بالإثباتِ، في كونِه كنايةً عن النهيِ.

- - -

- الموضع الثاني:

يقولون: (الغِواية) بكسر الغينِ. والصوابُ: (الغَواية) بالفتحِ؛ قالَ الفيروزبادي في قاموسِه: ( ... وغَوايةً، ولا يُكسَرُ)؛ قالَ امرؤ القيسِ في معلَّقتِه:

فقالت: يمين الله، ما لك حيلةٌ ** وما إن أرى عنك الغَوايةَ تنجلي

- - -

- الموضع الثالث:

زعمَ بعضُهم أنَّ كلمةَ (رئيسيٍّ) التي يستعملُها الناسُ وصفًا وأمثالَها من المشتقاتِ المنسوبِ إليها في اصطلاحِ النحوِ، صوابٌ؛ وذلك كقولِهم: (شارعٌ رئيسيُّ)؛ بل من طريفِ ما بلغني أن بعضَهم احتجَّ لذلكَ بأن (رئيسًا) ليست محضةً في الوصفيةِ من حيثِ إِنهم يطلقونَها على (رأسِ القومِ). وصدقَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذ قالَ: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد؛ ولكن يقبض العلمَ بقبض العلماء؛ حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتخذ الناسُ رءوسًا جُهَّالاً، فسُئِلوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا) [متفقٌ عليه]. إن هذا لجهلٌ وضلالٌ عن القصدِ، وليٌّ لعنقِ العربيةِ إلى ما يشتهي العامَّة ويدَّعون؛ فما لهولاء القومِ – لا لعًا لهم – يُرضُون الناسَ بسخطِ العربيةِ!

ومَزعمُهم هذا مردودٌ بأنَّ غلبةَ المفهومِ على بعضِ أفرادِه لا يعني استحواذَه عليه كلِّه؛ فعلى هذا إذا كانَ (الرئيس) غلبَ على (رأسِ القومِ) فلكَ أمرانِ؛

الأولُ: أن تنسبَ إلى الغالبِ على المفهومِ، كنسبتِك إلى رأسِ القومِ.

الثاني: أن تنسِبَ إلى المعنى غيرَ غالبٍ على شيءٍ، كنسبتِك إلى (رئيس) تريدُ رأسَ كلِّ شيءٍِ؛ فأما الوجه الأولُ فإنك إذا نسبتَ إلى (رأسِ القومِ) أحلتَ المعنى، وصرفتَه عن وجهِه؛ فكيفَ يصِح في نحو (الصفحةِ الرئيسيةِ) أن تُنسَبَ إلى (رأسِ القومِ)، مع ما هو معلومٌ من أن النسبةَ كالإضافةِ تُلصِقَ موصوفَها بما لحِقته، و (الصفحةُ) هي ذاتُ الرئاسةِ، بكونِها رأسَ الصفحاتِ، لا منسوبةٌ إلى رأسِ القومِ. ومتى انتفَى هذا الوجهُ صِارَ إلى الوجهِ الثاني، كما هو معلومٌ من طريقِ النظرِ في البواقي، أو طريقِ السبرِ والتقسيمِ؛ وهو النسبةُ إلى موصوفِ (رئيسي) غيرِ المعلومِ؛ فيكون رجعَ عن قولِه إلى هذا القولِ الذي يأتي – إن شاء الله - بيانُ فسادِه.

---

والقولُ الفصلُ في هذه الكلمةِ أنه يجوزُ بتصفُّحِ الأوجهِ المحتملةِ، لا الجائزةِ أن تُحملَ على أربعةِ أوجهٍ:

الأول: أن تكونَ الياءُ ياءَ النسبِ الحقيقية، أفادت معنى المبالغةِ. وهو قولُ ابنِ مالكٍ في الجملة، وقولُ الرضيِّ. ومما أذكرُ من نظائرِ ذلك قولهم (أعجم وأعجميّ)، و (أحمر وأحمري)، و قولُ العجاجِ في قصيدته المشهورة التي مطلعُها:

أطربًا وأنت قِنَّسريُّ

قال:

والدهرُ بالإنسانِ دوَّاريُّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير