" جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير ". و لذلك قال بعض العلماء: " فيه كلّ شيء
إلاّ التفسير ".
و المبتدِع ليس له قصد سوى تحريف الآيات و تسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث متى لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد
موضعا له في أدنى مجال سارع إليه. قال البلقيني: " استخرجتُ من الكشّاف (للزمخشري) اعتزالا بالمناقيش ".
و قال صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون: " ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند، و لا نقل عن
السّلف، و لا رعاية للأصول الشرعية و القواعد العربية، كتفسير محمد بن حمزة الكرماني، سمّاه: [العجائب و الغرائب] ضمّه
أقوالا، هي عجائب عند العوام، و غرائب عمّا عهد عن السّلف، بل هي أقوال منكرة، لا يحلّ الاعتقاد عليها، و لا ذكرها إلاّ
للتحذير، كقول من قال: (لا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به) إنّه الحبّ و العشق، و قول الرافضة: (يأمركم أن تذبحوا بقرة) أنّها
عائشة، و قول بعضهم في: (من ذا الذي يشفع) أنّ معناه: من ذلّ ذي (للنّفس) يشفَ عِ. سئل البلقيني عمّن فسّر بهذا، فأفتى بأنّه ملحد.
و أمّا كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير، قال ابن الصلاح في فتاواه:" وجدتُ عند الإمام الواحدي أنّه قال: صنّف السّلمي
حقائق التفسير، إن اعتقد أنّ ذلك تفسير، فقد كفر ". وقال التفتازاني:" سميت الملاحدة باطنية، لادّعائهم أنّ النّصوص ليست
على ظواهرها، بل لها معانٍ باطنة ".
5 – أحسن المؤلفات في التّفسير:/
قال صاحب الإتقان: " فإن قلتَ: فأيّ التفاسير ترشد إليه و تأمر النّاظر أن يقول عليه؟
قلتُ: تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبري، الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنّه لم يؤلَّف في التّفسير مثله ".
قال النووي: " كتاب ابن جرير في التّفسير لم يصنِّف أحد مثله ".
6 – الإسرائيليات في التّفسير:/
قال ابن كثير: " الإسرائيليات أنواع ثلاثة:
نوع: علمنا صحّته ممّا بأيدينا، فذاك صحيح. و نوع: علمنا كذبه ممّا عندنا ممّا يخالفه.
و نوع ثالث: ما هو مسكوت عنه، فهذا هو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلّم: " لا تصدّقوا أهل الكتاب و لا تكذّبوهم
و قولوا: (آمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إليكم) " و هذا لمّا كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية و يفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذلك. رواه البخاري عن أبي هريرة. و قال صلّى الله عليه و سلّم أيضا:
" بلّغوا عنّي و لو آية، و حدّثوا عن بني إسرائيل و لا حرج، و من كذّب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النّار " أحمد و البخاري
و الترمذي عن ابن عمرو.
وغالب هذا النوع الثالث ممّا لا فائدة فيه، كأسماء أهل الكهف، و لون كلبهم، و أسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، و تعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، و نوع الشجرة التي كلّم الله منها موسى إلى غير ذلك ممّا أبهمه القرآن، ممّا لا
فائدة من تعيينه تعود على المكلّفين في دينهم و لا دنياهم. ولهذا قال تعالى في قصّة أصحاب الكهف و في عددهم: (فلا تمارِ فيهم
إلا مراء ظاهرا) أي: لا تجهد نفسك مما لا طائل تحته، و لا تسألهم عن ذلك، فإنّهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا
أحسن ما يكون في حكاية الخلاف، و أنّ ذلك ينقل عن الأهم [كبحث بعضهم في النّملة التي كلّمت سليمان: هل ذكر هي أم
أنثى؟ و في طول الحبل الذي ألقي معه الدلو في بئر يوسف، و هكذا ... ].
7 – فضيلة علم التّفسير:/
أ – روى أبو عبد الرحمن السّلمي عن ابن مسعود قال: " كنّا نتعلّم من رسول لله صلّى الله عليه و سلّم العشر، فلا نجاوزها إلى العشر الآخر حتى نعلم ما فيها من العلم و العمل " أخرجه الطبري، و سنده صحيح.
ب – و روى قتادة عن الحسن، أنّه قال: " ما أنزل الله آية إلاّ أحبُّ أن أعلم فيمَ أنزلت، و ماذا عني بها ".
ج – و قال إيّاس بن معاوية: " مثل من يقرأ القرآن و من يعلم تفسيره أوْ لا يعلم، مثل قوم جاءهم كتاب من صاحب لهم ليلا، و ليس عندهم مصباح، فتداخلهم لمجيء الكتاب روعة، لا يدرون ما فيه، فإذا جاءهم المصباح عرفوا ما فيه ".
8 – قرّاء الصحابة:/
أ – روى الشيخان عن ابن عمر – مرفوعا -: " استقرؤوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، و سالم مولى حذيفة، و أُبي بن كعب، و معاذ بن جبل ".
ب – و أخرج الترمذي و الحاكم عن ابن عمرو – مرفوعا -:" خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، و أُبي بن كعب،
و معاذ بن جبل، و سالم مولى أبي حذيفة ".
ج – و أخرج الحاكم و ابن ماجه عن أبي بكر و عمر – مرفوعا -: " من أحبّ أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأ على قراءة ابن أم عبد (ابن مسعود) ".
وللأمانة العلمية فقد نقلت هذه المقدمة من كتاب التفسير للشيخ نجيب حفظه الله لتعم
بها الفائدة ونسأل الله عزوجل أن يغفر لنا في هذا الشهر المبارك وأن يتجاوز عنا إنه هو السميع العليم
¥