تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وقفة عند كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة]

ـ[أم حنان]ــــــــ[06 - 12 - 07, 09:22 م]ـ

بسم الله، الحمدلله،والصلاة والسلام على رسول الله

أنقل إليكم هذا الموضوع المفيد:

وقفة عند كتاب "أدب الكاتب" لابن قتيبة -1

ادب الكاتب، او ادب الكتّاب هو من ضمن الروائع الاخرى التي تمخضت عنها الحضارة الاسلامية في جانبها الفكري والادبي.

الى درجة ان هذا الكتاب عُدّ من بين الاصول والاركان الاساسية لعلم الادب والبلاغة والبيان.

كما قرر ذلك ابن خلدون في مقولته الشهيرة:

(وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم ان اصول هذا الفن واركانه اربعة داووين وهي: ادب الكتّاب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرّد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لابي علي القالي، وما سوى هذه الاربعة فتبع لها، وفروع عنها ... ).

ومؤلف هذا الكتاب الخالد ه العالم اللغوي الاديب ابو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري.

صاحب الكتب والتصانيف المعروفة التي وصفت بانها مفيدة كلها ومنها: غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث، وعيون الاخبار، ومُشكل القرآن، ومُشكل الحديث، وطبقات الشعراء، واصلاح الغلط، وكتاب التقفية، وكتاب اعراب القراءات.

وقد كانت ولادته سنة ثلاث عشرة ومائتين، وتوفي في منتصف شهر رجب سنة ست وسبعين ومائتين.

وقد عُني العلماء بكتابة (ادب الكاتب) اشدّ العناية نظراً الى اهميته، واشتماله على اغلب ما يحتاج اليه من يريد ان يتلقى ادب الكتابة، فمنهم من شرح خطبته، ومنهم من شرح ابياته، ومنهم من شرحه كله.

ومن بين علماء اللغة والنقاد الذين اهتموا بشرح هذا الكتاب ابن كَيْسان، والزجاجي، والفارابي، والجواليقي.

يبتدئ ابن قتيبة كتابه (ادب الكاتب) ببيان الدوافع والاسباب التي دفعته الى تأليف هذا الكتاب قائلا:

(اما بعد ... فاني رأيت اكثر اهل زماننا هذا عن سبيل الادب ناكبين، ومن اسمه متطيرين، ولاهله كارهين، اما الناشئ منهم فراغب عن التعليم، والشادي تارك للازدياد، والمتأدب في عنفوان الشباب ناس او متناس ... ).

ثم يتطرق ابن قتيبة بعد ذلك في خطبة كتابه الى الاسفاف الذي حدث في موضوعات الادب بجميع فروعه، واهتمام الادباء بامور تافهة هامشية دون ان يلجوا المواضيع التي تليق بهذا الفن الانساني الرفيع فيقول:

( ... فأبعد غايات كاتبنا في كتابته ان يكون حسن الخط، قويم الحروف، واعلى منازل اديبنا، ان يقول من الشعر ابياتاً في مدح قَيْنة او وصف كأس، وارفع درجات لطيفنا ان يطالع شيئاً من تقويم الكواكب، وينظر في شيء من القضاء وحدّ المنطق ... ).

ويوصي الدينوري المتأدبين، ومن ارادوا ان يتخذوا من الكتابة مهنة لهم ومن الادب والبلاغة فناً يتخصصون فيه بان يتأدبوا من الناحية الخلقية قبل كلّ شيء حيث يقول في هذا الصدد:

(ونحن نستحبُّ لمن قبل عنّا، وائتمّ بكتبنا ان يؤدب نفسه قبل ان يؤدب لسانه، ويهذب اخلاقه قبل ان يهذب الفاظه، ويصون مروءته عن دناءة الغيبة، وصناعته عن شَيْن الكذب، ويجلب قبل مجانبته اللحن وخطل القول شنيع الكلام، ورفث المزح ... ).

فاذا ما تحقق هذا الشرط، واستوفى المتأدب تلك المقدمة الضرورية لمزاولة الادب فان عليه اولاً عن يدع في كلامه التقعير والتقعيب اي التشدق في الكلام متأسياً في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (ان ابغضكم اليّ الثرثارون المتفيقهون المتشدّقون).

كما ويستحب للمتأدب - كما يقرر ذلك ابن قتيبة- ان يعدل بكلامه عن الجهة التي تلزمه مستثقل الاعراب ليسلم من اللحن، وقباحة التقعير.

ويضرب مؤلف الكتاب لذلك مثلاً بالاديب، والخطيب، والعالم اللغوي المعروف (واصل بن عطاء) الذي كان يلثغ في حرف الراء، فالزم نفسه ان يجتنب استعمال هذا الحرف في خطبه حتى استقام له ذلك، واستغنى عن هذا الحرف تحقيقاً للشرط السابق، حيث يقول الدينوري في هذا المجال:

( ... فقد كان واصل بن عطاء سام نفسه للثغه اخراج الراء من كلامه، ولم يزل يروّضها حتى انقادت له طباعه، واطاعه لسانه، فكان لا يتكلم في مجالس التناظر بكلمة فيها راء، وهذا اشدّ واعسر مطلباً مما اردناه ... ).

ويوصي ابن قتيبة الكاتب بان ينزل الفاظه في كتبه فيجعلها على قدر الكاتب والمكتوب اليه، وان لا يعطي خسيس الناس رفيع الكلام، ولا رفيع الناس خسيس الكلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير