[إرشاد لمن له قلب]
ـ[علي أبو الحسن]ــــــــ[10 - 12 - 07, 03:55 م]ـ
إخوتي الأكارم, إنني أحبُّ أن أسمو معكم في اللغة العربية؛ لأهميتها, ولحثِّ الإسلام عليها: بها يفهم القرآن, وبها يدرك إعجازه, ويلمس بيانه. وعليه, من الأجدر بمن يكتبون في هذا القسم خاصة, وفي ملتقى أهل الحديث عامة, من الأجدر بهم أن يراعواكتاباتهم من حيث الموضوعُ, ومن حيث الأسلوبُ, ومن حيث النحوُ, وتفصيل هذا الآتي:
فأما الموضوع فيقتضي أن يخدم فكرة معينة, فمن العبث أن نكتب موضوعا دون إدراك مرادنا منه, وليس من الحكمة بوجه أن يقتصر الكاتب على سرد نصوص معينة, دون أن يبين ما العلاقة بينها, ووجه الدلالة فيها إن كانت خفية, فلزاما علينا, نحن أعضاء الملتقى أن نحرص على الإتيان بمواضيع ذي فائدة وقصد خيِّر.
وأما الأسلوب, فأقصد به هنا كيفية إخراج الموضوع أو الردِّ عليه: فمن المواضيع ما اختلف فيه, فإن كان طرح هذا الموضوع للخلوص إلى الرأي الراجح, سواء بَدَأَتْ برأيك الإجابة, أم برأي غيرك, فمن المحبَّذ أن نأتي بأدلة كل ذي رأي بموضوعية وتجرد, ومن ثم نسأل أسئلة من شأنها أن تخدم البحث من حيث تنقيتُه من الدخن الذي فيه. وهذا بخلاف لو كان طرح الموضوع هو عبارة عن جواب لسؤال, ففي هذه الحالة تقتصر بالإجابة على ما اطمأنَّ إليه قلبك, وحذقه عقلك؛ لأن السائل يريد جوابا, وليس المقام مقام علم وتعلم, بل مقام عمل وتطبيق, وهنا ذكر الخلاف يضر بلا فائدة. ثم إنك إن أبديت رأيك بمسألة خلافية, فلا سبيل لقبوله_رأيا صحيحا_إلا إن دُعِّمَ بالأدلة الظاهرة, ونقض حجج مخالفيك, ولا يقل أهمية أن تذكر من يؤيدك بهذا الفهم من أهله, أي العلم والرأي.
وأما الأخيرة, وهي النحو لا بدَّ إلا مستحكمة بك وبموضوعك, فلا يعقل أن تكتب موضوعا, خاصة في اللغة العربية وعلومها دون مراعاة قواعد النحو والصرف فيها, فهذا يدل على خلل سقيم, وفجوة واسعة المهالك, ولا يقبله عقل ذو منطق, ولا فطرة ذات إحساس مرهف. ويجب مراعاة نقاط الوقف والفواصل والأقواس وكل ما يخص علامات الترقيم, وإلا كيف سنربي أنفسنا على هذا, وكيف سيصبح سجيَّة من سجايانا, فالذوق السليم لا يقبل بغير ما ذكرت بديلا, ولا يلفِتَنَّكُم صعوبة البداية عن ولوجها, أو الإستمرار بها, فما علمنا طالب العلم إلا صابرا ساعيا, تنزع نفسه للكمال, وهو يعلم أنه غير مُبْلِغِِهِ.
ختاما: ما ينبغي أن يفهم كلامي في غير محلِّه, فإني ما كتبت ما كتبت إلا بادرة للجد والسعي في هذا الملتقى الطيب أهله, العامر بعلمه, الكريم بأعضائه, وطلبا للرفعة والسنيِّ في العلوم كلها, وخاصة منها أصول العربية والفقه. إن أصبت فما توفيقي إلا بالله, وإن أخطأت فمن نفسي؛ لعدم حرصي والشيطان.