[يستحيل قراءة كتاب عربي مرة واحدة،بل لا بد من مرتين شئت أم أبيت!!]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:05 ص]ـ
يستحيل قراءة كتاب عربي مرة واحدة بل لا بد من مرتين شئت أم أبيت!!
ليس لغزا أو تلاعبا بالكلمات بل هو الواقع ...
تمارس ذلك-أيها القاريء العربي- عمليا دون أن تشعر ... أنت فعلا لا تستطيع أن تقرأ جملة عربية في أقل من قراءتين ..
نبدأ أولا بتحليل هذه المفارقة:
لكي تقرأ الجملة العربية قراءة صحيحة لا بد أن تفهمها أولا ... هذا بديهي.
ولكي تفهمها لا بد أن تكون قد قرأتها ... وهذا بديهي أيضا.
هذا هو الدور المحال!!! وهذا بديهي أيضا.
يستحيل قراءة جملة عربية .. لأن القراءة مشروطة بالفهم!
ويستحيل فهمها .. لأن الفهم مشروط بالقراءة ... !
فمتى نقرأ العربية!
ومتى نفهمها!
الأمران مستحيلان مادام كل واحد منهما مشروطا بالثاني وسابقا عليه ...
لكننا نقرأ العربية ونفهمها ... !!
فهل استطاع العربي أن يتحدى أوليات المنطق!
لنفرض أن آخر كلام في الصفحة هو:"أكل الفأر ... "-الكتاب غير مشكول-
لكن تتمة الجملة في الصفحة الموالية لا تراها ..
لنفرض أنك كنت تقرأ بصوت مرتفع على مسمع من الناس .. ووصلت إلى تلك الجملة الأخيرة فكيف ستقرؤها؟
تغامر فتقرأ:
أكل الفأر ... (أكل بثلاث فتحات والفأر فاعل مرفوع .. )
ثم قلبت الصفحة، ففوجئت بشيء غير سار، إن بقية الجملة هكذا:
" .... من قبل القط"!!
لا بد أن ترجع مرة أخرى إلى الصفحة التي قلبتها وتعيد القراءة بشكل صحيح:
أكل الفأر .... (بصيغة المبني للمجهول ... )
ثم تعتذر للسامعين عن الخطأ أو السهو ...
لا شك أن سامعيك سيعذرونك لأنهم يقدرون أنك بشر لا تعلم الغيب ولا تستطيع أن تتنبأ بكلمات هي في حيز الغيب ...
نعم،لن يؤاخذك أحد .. لكنك لن تستطيع أن تتخلص من بعض الخجل والحرج،لأنك أخطأت على كل حال ..
فتقرر أمرا منهجيا جليلا:
بدل المغامرة والمجازفة،ستجعل القراءة قراءتين:
-أولا:
تقوم بجولة استكشافية بالبصر على مساحة جملة أو أكثر ... جولة سريعة جدا في لمح البصر ... تسمي هذه قراءة استكشافية صامتة .. وهي القراءة الأولى. وقد يكون فيها أخطاء من قبيل" أكل الفأر" ... أكل بثلاث فتحات والفأر فاعل مرفوع ..
لكن ذهنك سيقوم بتصحيح ما أخطأت فيه .. بناء على ما شاهدته من السياق اللاحق وعلى ما فهمته من السياق السابق لأن النصوص عادة تكون متسقة .. مما يسمح لك ببعض التنبؤات الصحيحة ..
-والآن يمكن لك أن تقرأ في أمان ... وهذه هي القراءة العادية الصوتية الثانية بعد القراءة البصريةالأولى ...
وفي حالة مثالنا السابق .. ينبغي أن تقرأ" أكل الفار .. " بالقراءة الصامتة الاستكشافية .. ثم تقلب الصفحة فتقرأ بالعين بقية الجملة" .... من قبل القط"
فتصحح تلقائيا .. ثم تقرأ بصوت مرتفع قراءتك العادية .. وتحمد الله أن ذلك الخطأ وقع داخليا وصحح داخليا بين العين والفهم!!
المفروض أن القاري يسترسل في القراءة المسموعة .. معنى ذلك أن القراءة الاستكشافية أو الاستباقية تكون بسرعة نووية! ..
العربية أعظم لغة على الإطلاق ..
ألا ترى كيف ترغم القاريء على أن يقرأ مرتين:مرة بالعين ومرة باللسان ...
وهل يستوى في الفهم والاستيعاب من قرأ مرة ومن قرأ مرتين!!!
ـ[أبا مسلم]ــــــــ[17 - 12 - 07, 02:44 ص]ـ
بارك الله فيك
لكن هذا غير مخصوص بالعربية. ففي كل اللغات مثل هذا ...
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[17 - 12 - 07, 03:14 ص]ـ
لا يا أبا مسلم ... وفقك الله ..
الظاهرة خاصة باللغة العربية لأنها إعرابية .. فلا تعرف كيف تقرأ الكلمة حتى تعرف وظيفتها في الجملة .. أما اللغات الأخرى فتقرأ حسب رسمها ... أعني أن اللغات اللاتينية مثلا لا تحتمل الكلمة فيها إلا قراءة واحدة بحسب رسم الصوامت والصوائت ... أما الكلمة في العربية فتحتمل قراءات متعددة -في غياب الشكل بطبيعة الحال-فما الذي يرشح قراءة دون أخرى؟
"كتب"مثلا كيف تقرؤها؟
كتب فعل ماض ...
كتب:مبني للمجهول ....
كتب: جمع كتاب ... الخ ..
kataba لا تحتمل إلا قراءة واحدة بسياق أو بغير سياق ... بفهم أو بغير فهم ... يكفي المرء أن يعرف التهجي بالحروف اللاتينية ..
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:06 م]ـ
بارك الله فيكم، أصبت الحق
قال أبو علي الجياني الأندلسي: " خص الله هذه الأمة بثلاث: الإسناد، الأنساب و الإعراب "
ـ[أم عبدالملك المسلمة]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:30 م]ـ
إن الذي ملأ اللغات محاسنا ... جعل الجمال وسره في الضاد
ـ[أبو محمد الزياني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 02:13 م]ـ
عذراً على المداخلة المنطقية
لعل هذا الدور ليس هو الدور السبقي الممنوع عقلاً.
ولكنه من الدور المعي وما ذكرته من تعلق صحة القراءة بالفهم والفهم بالقراءة يصلح أن يكون مثلاً على الدور المعي وهو أن يحصل كلا الطرفين معاً.
كيف يحصلان معاً؟ الجواب هو ما ذكرته أخي أبو عبد المعز بارك الله فيك.
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[19 - 12 - 07, 01:56 م]ـ
أحسن الله إليكم على هذه الفائدة
¥