تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لامية أبو ماضي، وقضية المرأة لابن عقيل الظاهري]

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[23 - 12 - 07, 11:00 م]ـ

لامية أبو ماضي، وقضية المرأة

أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

يقول أبو ماضي في المقطع الأخير من قصيدته:

جَشَّمُوها كلَّ أمرٍ معضلِ

وهي لم تُخلَق لغيرِ المنزلِ

فإذا فارقت الدار ضحاً

لم تعد إلا قُبيل الطَّفل (1)

أَلِفَت ما عَوَّدُوها مثلما

تألف الظبيةُ طعمَ الحنظل

قال أبو عبدالرحمن: التقدمية والرجعية كلمتان وصفيتان؛ فلابد من اسم يوصف بإحدى الكلمتين,, وهذان الوصفان ليسا قيمتين منطقيتين أو خلقيتين أو جماليتين، بل يتعلقان بقيمة الموصوف نفسه، وإنما تعني الرجعية الرجوع إلى الماضي، وتعني التقدمية اتباع ومعانقة مسيرة العصر؛ باعتبار أن التقدم امتداد أمامي زماني,, أي اتباعٌ لتدفق الزمن المستقبلي، وبعكس ذلك الرجعية امتداد لتدفق الزمن الماضي الذي خلَّفناه وراأنا، فالامتداد معه رجوع إليه,, لا قيمة للرجعية والتقدمية غير هذا المفهوم اللغوي عن الامتدادين الزمنيين.

وقد يكون ما خلفناه من الماضي بالمعايير المنطقية والخلقية والجمالية شيئاً من غَباإ القرون وجهلها وشهواتها وأهوائها وشبهاتها؛ فيكون الرجوع إليه باطلاً أو شراً أو قبحاً,, وهذا لايكون ألبتة عند أهل دين إلاهي قام تصورهم وسلوكهم على نص صحيح الدلالة والثبوت محكم غير منسوخ,, وقد يكون بالمعايير نفسها من مفاخر القرون عقيدة وسلوكاً؛ فيكون الانقطاع عنه وابتغاأُ غيره هو البطلان والشر والقبح.

وقل مثل ذلك عما نعانقه من سلوكِ وتصورِ أهلِ الزمن الآن، وما نجعله من ذلك غاية للزمن المستقبلي: من شهوات وشبهات وآثامِ وجهلِ وغباإِ أهل العصر؛ فتكون المعانقة له قبحاً وشراً وبطلاناً,, وقد يكون حقاً استجد، وخيراً استجد، وجمالاً استجد؛ فيكون تركه والرجعة إلى الماضي بخيره وشره تزمتاً وانغلاقاً وتفريطاً فيما أوجب الله (بشرعه، وما أوجب تفكير العقل الذي خلقه منزل الشرع): الاحتفاأَ به.

قال أبو عبدالرحمن: وبهذا تعلمون أن التقدمية والرجعية ليستا قيمتين في ذاتهما.

والأُنثا المثقفة اليوم تُستثارُ عاطفياً بمثل: ليست للأمر المعضل، ولم تخلق لغير المنزل، وأنها ضعيفة المناعة عن أكل الحنظل!! ,, وبهذا تغدو قصيدة أبو ماضي رجعية بمفهوم التقدميين الذين يجعلون الكلمتين قيمتين في ذاتهما.

قال أبو عبدالرحمن: والمدخل إلى الحق في هذا الموضوع لايفضي إلا بمراعاة أربع حقائق:

أولاهن: التفريق بين وظيفة المرأة المستندة على واقع خصَّيصتها الخَلقية بفتح الخاإ وبين حق هذه الوظيفة، وارتباط سعادتها بالوظيفة نفسها وما يترتب عليها من حقوق.

وثانيتهن: ملاحظة الخصائص الأنثوية الواقعية، وما يترتب عليها من استعداد فطري، وملاحظة التجارب التاريخية في عمارة الأرض، وإعطاأُ الحالات النادرة حجمها الواقعي.

وثالثتهن: تجديد العقيدة بأن المشرِّع للرجل والأنثا هو خالقهما سبحانه.

ورابعتهن: الاعتبار بالتاريخ الراهن الذي تعيشه المرأة التقدمية في المجتمعات الأجنبية: هل هي سعيدة فيه، وهل نالت الحقوق التي تسعدها؟.

فأما الحقيقة الأولى: فهي أن الوظيفة الشرعية للمرأة رأفةٌ بها، واستحياأٌ لما خلقت له من البضاضة والنعومة، والبعد عن منغصات الأسواق والمجتمعات؛ لتحتفظ بقواها البدنية والنفسية والفكرية؛ ولتخرِّج جنسين من الأجيال: جيل يخلفها في الوظيفة والحقوق من البنات اللواتي هن تحت تربيتها من بناتها وربائبها، وجيل من الذكور؛ فتغرس البذور الأولى من التربية التي تسبق ملاحظات الأب العابرة، وتربية المدرسة، ثم تربية المجتمع التي لا ترحم,, فأما البضاضة والنعومة والتجمل فلأن الله جعل الرجل والمرأة قرينين لا يستغني أحدهما عن الآخر، واقتضت سنته الكونية ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً أن تكون المغريات في جانب المرأة النعومة والبضاضة والجاذبية والزينة؛ فهنَّ المنشَّآت في الحلية بنص الشرع,, وحضارة التقدمية الراهنة (حضارة الذئاب التي تخنق ولا تأكل) أحرص من كل القرون السابقة على التفنن في صنع زينة المرأة، وما يحقق جاذبيتها وإغراأها، ثم تقوم الدعاية والترويج والتربية على الزينة بجهد أعظم من جهد التصنيع!! ,, فلن يتحقق هذا الجزأُ من الوظيفة إلا بظلٍّ وكن وتخلُّصٍ من كل عِبإٍ غير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير