تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أعباإ الوظيفة.

وأما وظيفة المنزل التي يتحقق بها تربية النَّشإِ، ويتحقق بها فطرة الله الكونية، ودعوته الشرعية: بأن تكون المرأة سكناً للرجل تربطهما المودة والرحمة، وتَتَحَقَّقُ بهما سعادة الطرفين، وسعادة من يعولانه من الأسرة: فلا يمكن بوظائف خارج المنزل؛ لأن اليوم والليلة محَّددا الساعات,, يفيان بثلث للنوم وتربية الجسم، والاحتفاظ بجاذبيته,, وثلثين بين أداإ حقوق الله، وتربية النفس والفكر بالتثقف والتسلية المباحة، وإدارة المنزل والقيام بأعبائه تنظيفاً وطهياً، وتهيأة لجو الأسرة لباساً ونوماً، وتربية للنشإ,, وليس ذلك بحصصٍ كحصص المدرسة، وإنما بالملازمة والمتابعة؛ ليقوم كل واحد بواجبه المدرسي وواجبه تجاه ربه، وليقوم بقسطه من الراحة والتسلية والنوم، وليستعد لدوره الذي ينتظره في المستقبل؛ فيكون الابن فرحة لمجتمعه، وتكون البنت رحمة للعش الذي ينتظرها,, إن هذه الوظيفة جوهر وركن واستغراق لما فضل من نشاط المرأة؛ فلا يُهمَّش بسويعاتٍ من امرأة تُكلَّف بأعباإٍ خارج المنزل، ثم تعود إليه كليلة مرهقة!!.

والأعباأ خارج لمنزل حالة استثناإ وليست قاعدة,, تكون حالة استثناإ لمثل الارملة الفقيرة إذا انحط المجتمع الموسر وأحوجها للكسب,, وما نعيشه الآن مما يجعل عمل المرأة خارج المنزل ضرورة حياتية أمرٌ عظيم جعل الاستثناأ قاعدة، والقاعدة استثناأ، لأننا أخللنا بالمنهج، فجعلنا المرأة مزاحمة للرجل في العمل؛ فوُجِد الرجل العاطل غير القادر على النفقة، ووجدت المرأة الموظفة غير المتفرغة للرجل إلا أن يكون رجلاً دنيأً يريد حُبّاً، ويريد أن ينفق عليه حِبُّه بكسر الحاإ,, وهذا الخلل مكفول علاجه فيما يأتي من حديث عن حقوق الوظيفة للمرأة.

وإذا تزاحمت واجبات المنزل وواجبات المجتمع - وهذا لا يكون إلا في وظائف خارج المنزل لا يقوم بها إلا المرأة؛ بحيث يكون المجتمع مُأثراً بالمرأة، ولاتكون المرأة مُأثرة بالوظيفة: فإن ذلك يُنَظَّم بعقول مباركة مُأمِنة (تحسن المعادلة بين المصالح والمفاسد والضرورات والكماليات والواجب والأوجب)، مهتدية بدين ربها، منتفعة بالتجارب؛ وحينئذ يُقدَّم لوظيفة المجتمع (بدوام كامل، وراتب كامل) من لا ارتباط لها بأعباإٍ منزلية من القواعد والعوانس إذا وجد عندهن الأهلية؛ وبهذا يكون تعليم المرأة ضمانة لمستقبلها بإذن الله إذا لم تواتها ظروف سعيدة تجعلها ربة منزل,, ثم تُقَدَّم ربة المنزل المأهَّلة لوظيفة المجتمع علمياً بنصف راتب ونصف دوام؛ لتجمع بين الحسنيين.

وأما حقوق الوظيفة وظيفة المنزل، والأسرة فهي أن تكون مكفيَّة الأعباإ الحياتية طعاماً وشراباً وسكناً وكسوة بالقوامة التي أوجبها الله على الرجل,, وأن تكون مراحة ومُريحة من المنغصات بحقوق العشرة التي سنها الله للطرفين، وهو باب عريض من أبواب الفقه الإسلامي,, وليست هذه الحقوق وقتية، بل هي مَدَا الحياة؛ لأن الزوجة ذات الحنان الدافِإِ ستذبل وتشيخ وتعجَّز، وتكون أُمَّاً وجدة وعمة وخالة؛ فلها حقوق على الولد وولد الولد، وولد الأخ، وولد الأخت,, ولقد أدركت في مدينتي شقراإ (ولا تزال تلك الظاهرة بحمد الله في مجتمعنا) شباباً وكهولاً يتقربون إلى الله، ويسعدون سعادة نفسية بالقيام على راحة عجائزهم,, لابالنفقة فحسب، بل بإدخال كل عناصر البهجة على نفوسهم,, وبعضهم يحزن إذا لم يكن عنده عجوز يتقرَّب إلى الله برضاها، ويرد بعض جميلها,, وليست المسألة مسألة إحسان فحسب، بل مسألة سيادة؛ لأن عجائزنا المباركين هم الآمرون الناهون نشتري مرضاة الله: إما بإقناعهم، وإما بطاعتهم!!.

وأدركت من الزوجين من يطويان فراش الأحضان، وينام كل واحد وحده؛ لكبر سنهما,, ولكن ما فضل من نشاطهما في اليقظة أكثره مناجاة ومداعبات باللسان، وذكريات لوقائع حياتهما,, هو يقول: عسى يومي قبل يومك يا أم فلان!!.

وهي تقول: أنا عنقود ما ناب مفقود,, عسى يومي قبل يومك أنت.

والأبناأُ الكبار، والحفدة الصغار يُطيفون بهما، ويتعلقون بهما، وتتأصل في نفوسهم كل مقومات البر والمرحمة والصفاإ، وتدخل البهجة والسعادة في نفوس أفراد الأسرة.

قال أبو عبدالرحمن: وإن القلب ليتقطع حسرة على المرأة الأوربية وغيرها من التقدميات؛ لأنها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير