[رواية الثلاثة للشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي-رحمه الله-]
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[08 - 01 - 08, 11:30 م]ـ
رواية الثلاثة
الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي –رحمه الله-
هذه- أكرمك الله- رواية الثلاثة , وهي أرجوزة أكثرها "لزوم ما لا يلزم" تُمثل حالة ثلاثة من الأساتذة , لا يدفعون عن فضلٍ ولا أدبٍ ولاذكاءٍ وما فيهم إلاّ بعيدُ الأثر في الحركة الإصلاحية , واسعُ الخُطى في ميدان تعليم الناشئة وتربيتها.
أسلوب الرواية:
أمّا أسلوبها فهو سهلٌ منسجم , متلاحم النسيج , متين التركيب , فصيح المفردات , ليس فيه تكلف , ولا ركوب الضّرورات , التي ألِفَ الرّاجِزون ركوبها , برئٌ من التّكلف والحشوِ الذي ألِفوا أن يختموا به الأبيات , ضُعفاً منهم , وضيق عطن في العربية , وقِصَرَ باعٍ في مفرداتها وتراكيبها , وفي أكثر أبياتها " لزوم ما لا يلزم " من التزام حرفين أو ثلاثة في الرّويّ , ومع ذلك فكلّ ما فيها من هذا النوع مقبول متمكّن , وفيها كثيرٌ من أنواع التجنيس , وكلها من النّوع العالي , المتمكن لفظه ومعناه البرئ من التّكلّف , وإنّما هو من استرسال الطّبع , وقوّة الأسرِ , ورُوح الملكة في العربية , وفيها أبياتٌ مستقلّة بمعانيها , تجري مجرى الأمثال , وفيها طائفة من الألفاظ الغريبة , التي لم يألف الكتّاب والشّعراء استخدامها , وحبّذا لو استعملوها وأكثروا منها , فإنّها زيادة في ثراء اللّغة وتوسيعٌ لها , وليس في الأراجيز العلمية التي امتلأت بها الدنيا شيئٌ سهلٌ مستساغ إلاّ قليلاً من أراجيز فحول البيان , مثل رقم الحُلل لابن الخطيب , ودول الإسلام لشوقي , وما رأيتُ قوماً طاعَ لهم الرَجَزُ وانقادَ كعلماء شنقيطْ , مع السّهولة عليهم في النّظمِ ومتانة السّبْكِ.
وبَعْدُ: فقد داعبْنَا بهذه الرّواية , ثلاثة أساتذة , هم لنا أبناء , وهم فيما بينهم إخوة كلّهم أُدَباءٌ , فعسَى أن تكون حافزةً لِهِمَمَهِم في التّدريب على هذا النّوع الرّاقي من الأدب الهزلي.
ولو نظمت هذه الرّواية في عصور الإقبال على الأدب , لطارت كلَّ مطارٍ , وتلقّاها الرّواة والنّقلةُ , بما تستحقّهُ من إجلالٍ.
محمّد البشير الإبراهيمي
صور الاستدعاء من المدير:
إلى الفَتَى عَبْدِ الحَفيظِ الجنَّانْ ......... أَدامَهُ المَولى الحَفيظُ المِنَّانْ
مُؤدِّبِ الصِّبيانِ في مَدْرستي ......... و حَامِلِ الأَثقالِ من غطرسَتي
مَسْكنُهُ في زَنْقةٍ لا تُعرفُ ........ إذْ طُمِسَتْ من جَانِبيْها الأَحْرُفُ
وَوَسْمُهُ إِمساكُ قَرنِ الثَّورِ ........ في يدهِ كَنَافخٍِ في الصُّورِ
و هذهِ عَلامَةٌ مُنفَصلِه .......... تتْبَعُها عَلامَةٌ مُتَّصله
****************
ثُمَّ إلى الشَّيخِ الأَدِيبِ الكَاتِبْ .......... المُرتَقِي لأسْفَلِ المَرَاتِبْ
المُرتَضى مُحمدِ بن العَابِدْ ........... لازال في جُهدِ الشَّقا يُكابِدْ
مُفَسِّرِ القرآنِ للأَطفالِ ......... من سُورة الرَّعدِ إلى الأَنفَالِ
مُقَرِّرِ القواعدِ المُقرَّره ........ و حافظِ المَسائلِ المُكرَّره
مَقَرَّهُ أنْ ليسَ ذا مَقَرِّ ......... يَقيهِ من حَرِّ لَظَى و القرِّ
وَوسْمُهُ الإقْعاءُ في مَنَاخرِه .......... و فَتحَةٌ ظَاهِرةٌ في آخِره
بَعدَ سَلاَمٍ مُحْكَمٍ مَرْبُوطِ .......... و قَهوةٍ بِالتِّينِ و البلُّوط
و سُكَّرٍ من الرِّمالِ مُجْتَلبْ ......... و لَبَنٍ منِ الجِمَالِ مُحْتَلبْ
و سُفْرَةٍ قد جَمَعتْ حُبُوبَا ............ الفُولَ و الخُرْطانَ و الكُبُوبَا
و قِدْرَةٍ قد ضُمِّنتْ أخلاَطا .......... اللِّفتَ و التَّرْفَاس و البَطاطا
في غُرْفَةٍ تُضَاءُ بِالنُّجُومِ ......... أو شُرْفَةٍ تُقْذَفُ بِالرُّجُومِ
أَرْجُوكُما أنْ تَحضُرا سَريعا .......... لِتدفَعا خَطْبًا دَهَى مُرِيعا
في السَّاعةِ التي أكونُ فيها .......... مُرَفَّهًا في عِيشتي تَرفِيها
في يومِ تِسْعٍ من شُباطَ المَاضي ........... لأنَّني أكونُ فيه (فَاضي)
في مكتبي المشهور عند النّاسِ ......... من أرض قجّالٍ إلى مكناسِ
فإن جهِلتُم فاسألا أيّ صبي .......... يرِحْكُما مِن العنا والتّعب
وأعْطياهُ خمسةً منقُوبهْ ........... وقد تفصّى قائِبٌ مِن قُوبهْ
حاشِيةٌ- والشّرطُ أن تتّفقا .......... قبل المجيئِ ثمّ لا تفترقا
وتتْبعا الأوامِرَ المسْطورهْ .......... هُنا كإبْلِ في الفلا مقْطُورَهْ
لا تصْحبا العِصِيَّ والدَّبابِسَا .......... والحجرَ الصّلْدَ الثّقيلا اليابساَ
والمُوسَ والقادومَ والفُؤوسَا ........ وكلَّ شيْئٍ يشْدَخُ الرُّؤوسَا
ولتخْلعا نعليْكُمَا في الخارِجِ .......... في الخُطْوةِ الأولى منَ المعارِجِ
وتَطْرُق البَاب الصّغِيرَ طرْقاً ....... طرْقَ دُهاةِ الأنكَلِيزِ الشّرقاَ
وبسْمِلاَ وكبِّراَ وحوْقِلاَ .......... والْتَزِمَا الصّمْتَ ولا (تُشَقْلِلاَ)
فإنْ أذِنتُ فادْخُلاَ عنْ عجَلِ .......... وإنْ سَكَتُّ فاذْهبَا في خَجَلِ
ولْتَدْخُلاَ بحَسَبِ الحُرُوفِ ......... والِميمُ قبْلَ العَينِ فِي (المعْرُوفِ)
هذا ومَن كَانَ طَوِيلَ الأنْفِ ........ فلْيَتَربّصْ سَاعَةً في الكُنْفِ
يرتاضُ بِالتّنفُّسِ العَمِيقِ ....... ويَصِلُ الزّفيرَ بِالشّهيقِ
وهَذِهِ وَرَقَةُ اسْتِدْعَاءِ ........ كَأنّهَا شَهَادَةُ اسْتِرْعَاءِ
أَمْضَيْتُهَا مِنْ تَحْتُ لاَ مِن أَعْلَى .......... كَمَا لَبِسْتُ فِي الأَخِيرِ النّعْلا 8
والحَقُّ لاَ يحْتاجُ للتَّرْقِيعِ ........ لَاسِيَّمَا مِن صَاحِبِ التّوقِيع
وَلَمْ أٌُطِلْ خُنْفُسَتِي كَالْحَافِظِي ............ وَإنّمَا خُنْفُسَتِي (ابْنُ حَافِظِ) 9
يتبع ....
¥