- قال الإمام ابن كثير- رحمه الله - في تفسيره [لأول سورة البقرة]- بعد ما ذكر الأقوال المختلفة في هذه المسألة -:"وقال آخرون بل إنما ذكرت هذه الحروف قي أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله, هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن القراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيميه. قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله:-ص ن ق-وحرفين مثل"حم"وثلاثة مثل"الم"وأربعة مثل"المر"و"المص"وخمسة مثل " كهيعص- و- حمعسق- "لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك"قلت"ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى"الم ذلك الكتاب لا ريب فيه""الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه""المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه""الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم""الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين""حم تنزيل من الرحمن الرحيم""حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم"وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم".اهـ كلامه بحروفه- رحمه الله تعالى-.
هذا ما من الله علينا في هذه العجالة وهناك ملاحظات أخرى لعلها تخرج في طبعة جديدة للكتاب أو في رسالة خاصة - إن شاء الله تعالى-.وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزي القائمين على تحقيق وطبع وتوزيع هذا الكتاب العجاب خير الجزاء في الدنيا والآخرة, وأخص بالذكر فضيلة الشيخ عبد الرحمن اللويحق- جزاه ربي كل خير- على الجهد الذي بذله لإخراج هذه الطبعة العجيبة في مثل هذه الحلة القشيبة كما أسأله جل وعلا أن يجعل أعمالنا وأعمالهم خالصة لوجهه الكريم وموافقة لسنة نبيه-صلى الله عليه وسلم-,وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه: راجي عفو ربه: (المبايع على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم)
محمد بن زينو- المدرس بدار الحديث الخيرية- مكة حرسها الله-25/ 10/1423هـ.
ـ[سلطان المطيري]ــــــــ[07 - 09 - 08, 06:12 م]ـ
عجيب!
رحم الله ابن سعدي ووفق الشيخ جميل على هذه الاشارات المهمة
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[07 - 09 - 08, 09:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا
نفع الله بالشيخين
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[07 - 09 - 08, 11:17 م]ـ
بارك الله في الشيخين الجليلين
وبارك الله فيك على هذا النقل المفيد
ورسائل الشيخ محمد جميل مختصرة ومفيدة جدا .. نفع الله بعلمه
ولعل من التنبيهات كذلك وقد نبه عليها تلميذه العثيمين رحم الله الجميع - ولعل الشيخ زينو يدرجها في طبعته الجديدة -
ما جاء في تفسير سورة التوبة: عند قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ .... وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
قال السعدي رحمه الله: " هذه الآيات نزلت في رجل من المنافقين يقال له "ثعلبة" جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله أن يدعو اللّه له، أن يعطيه الله من فضله، وأنه إن أعطاه، ليتصدقن، ويصل الرحم، ويعين على النوائب، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فكان له غنم، فلم تزل تتنامى، حتى خرج بها عن المدينة، فكان لا يحضر إلا بعض الصلوات الخمس، ثم أبعد، فكان لا يحضر إلا صلاة الجمعة، ثم كثرت فأبعد بها، فكان لا يحضر جمعة ولا جماعة.
ففقده النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبر بحاله، فبعث من يأخذ الصدقات من أهلها، فمروا على ثعلبة، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، فلما لم يعطهم جاءوا فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة" ثلاثا.
فلما نزلت هذه الآية فيه، وفي أمثاله، ذهب بها بعض أهله فبلغه إياها، فجاء بزكاته، فلم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء بها لأبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها، ثم جاء بها بعد أبي بكر لعمر فلم يقبلها، فيقال: إنه هلك في زمن عثمان "
قال العثيمين رحمه الله في أصول التفسير: " ومنه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} الآيات، فإنها نزلت ابتداء في بيان حال بعض المنافقين، وأما ما اشتهر من أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب في قصة طويلة، ذكرها كثير من المفسرين، وروجها كثير من الوعاظ، فضعيف لا صحة له "
¥