تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اجتهاده ومناصبه: عين معلماً بالمكتب الرسمي في قرية سيدي علي قرب المدية تعرف باسم وامري وجندل فدرس وعلم فيها أربع سنين إلى سنة 1892م ثم عينته الدولة بمكتب الشيخ إبراهيم فاتح الرسمي بالجزائر فانتقل إليه وسكن فيه وهو مع معاناته لأتعاب لتعليم لم يأل جهداً في جمع المعارف وتحصيلها حيث التحق بالمدرسة العليا ( iycèe) لتعلم اللغة الإيطالية ودرس علوم البلاغة والمنطق والتوحيد وعلم الكلام على يد الأستاذ الشيخ عبد الحليم بن سمانة وكثيراً ما كان يرجع هو إليه فيها ويقول الشيخ عبد الحليم: ما علمت في حياتي كلها أحد يرجع إلى تلميذه غيري وإني لمعترف له بالفضل والنبوغ.

وباجتهاده وكده تمكن العلامة من حفظ اللغة العربية وآدابها ودقائقها العلمية الأصولية وأخذها أخذا محكماً وله اليد العليا في أخبار العرب وشعرائهم وتراجم رجالهم وأنسابهم ومعرفة طبقاتهم.

وعندما آنس من نفسه الكفاءة التامة تقدم للامتحان بالجامعة الجزائرية الفرنسية فأحرز شهادة في اللغة UGM أي dipiôme darabe وذلك يوم 19 حزيران 1894 وفي هذه السنة نفسها ناب عن الشيخ أبي القاسم سديرة في دروسه العربية بالجامعة فمكث في هذه النيابة عاماً كاملاً مع المباشرة بمكتب الشيخ إبراهيم الفاتح وفي سنة 1896م دخل سلك طلبة البكالوريا فحصل على شهادتها الأولى واقبل على القسم الثاني فشرع في تحضير دروس الفلسفة والمنطق، ولما تهيأ لدخول الامتحان النهائي أصابه الجدري فتخلف عن حضوره وقعد به المرض عن غرضه السامي، ولما شفي ولى وجهه نحو دروس اللغة الإسبانية والألمانية واللاتينية فبرز فيها ولازم أستاذه فأخذ عنه الفارسية ولغة أجداده وأسلافه التركية وتعرف أيضاً على حبر يهودي أخذ عنه العبرانية وبفضل اجتهاده في تحصيل هذه اللغات صار يتقنها مع موافقة اللهجة وحسن التأدية حتى كان الكثير ممن لا يعرفونه يعتقد عندما يسمعه يتكلم بإحدى هذه اللغات أنه من صميم أبنائها وأما اللغة الإنكليزية فكان له رأي فيها وذلك لباعث نفسي وعامل روحي ناتج عن عاطفة له هناك.

وفي 8 أيار 1898م عينته الأكاديمية أستاذاً بالمدرسة الكتابية في مدينة قسنطينة خلفا عن شيخها الأستاذ عبد القادر المجاري عندما انتقل إلى المدرسة الثعالبية بالجزائر، فدرس بها النحو والصرف وعلوم الأدب والفقه وبقي قائماً بكل ما أنيط به من مسؤوليات إلى يوم 19 جانفي 1901م حيث عين مدرسا بالمدرسة الثعالبية بالعاصمة في مقام الشيخ عبد الرزاق الأشرف حيث درس بها اللغة والنحو والصرف والمنطق والعروض والبيان وغيرها.

وبعد عامين حنت نفسه لمن يشاركها الحياة ويقاسمها الآلام واللذات واطمأن للزواج فتزوج بكريمة الشيخ قدور بن محمود بن مصطفى الإمام الثاني بالجامع الكبير ويعرفون بآل الكاتب وكان زفاف الأستاذ يوم 15 نوفمبر 1903م ثم بعد أن جاوز 4 سنين رزقه الله بخمسة أولاد ذكور وأربع إناث بكرهم الأستاذ المرحوم سعد الدين وإنه لغرس طيب من غرس والده وسهم صائب من كنانته كان قد اشتغل مدرساً بالمدرسة الثانوية ( college) بالمدية ثم عميداً لكلية الآداب الجزائرية.

ثم في يوم 7 ديسمبر الذي هو الشهر الأول لزواجه أضيفت للشيخ ابن أبي شنب دروس أخرى يلقيها بالجامعة في علم العروض وترجمة المراسيم الشرعية والبحث في اللهجة المحكية (الدارجة) والمقارنة والتنظير بينها وبين الفصحى هذا علاوة على ما كان يلقيه من الدروس بالثعالبية، فاجتهد الشيخ في أدائه لواجبه بالمدرستين معاً ولكن في حوالي سنة 1908م أسندت إليه دراسة صحيح الإمام البخاري ورواية "الحضور" بجامع سفير بالعاصمة وفي السنة نفسها ارتقى إلى رتبة محاضر: ( mâtre de confèreces) بالجامعة فعمر في هذه الرتبة وقام بها على افضل وجه حتى طار صيته في الآفاق وشهدت بفضله الأعلام وتقاطرت عليه المكتبات وكبار العلماء والرؤساء ومشاهير الكتاب والأدباء وهم في كتاباتهم ما بين شاكر ومادح ومعجب ومسترشد ولقد استعان به الكثير من عشاق العلم والتأليف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير