ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[16 - 03 - 08, 09:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صفحات حياة فضيلة الدكتور .... !!
بقلم صاحب الفضيلة محمد صالح الغمراوي
نشأ الأستاذ الدكتور حسن إسماعيل عبد الرازق في أسرة بسيطة الحال ليست بالثرية. وكافح والده في الحقول لتكوين علمه وإدخاله الأزهر الشريف ليخرج عالما. ولقد كان والده الشيخ إسماعيل عبد الرازق من حفظة القرآن الكريم ومن قُراء دلائل الخيرات بالمسجد الهاشمي بالقرية ليلتي الإثنين والجمعة من كل أسبوع وقد وهب هذا الأب الرحيم ابنه "حسن" لحفظ القرآن الكريم ودراسة العلم في الأزهر الشريف .. وقد عهد به منذالطفولة إلى الشيخ/ عبد المنعم بحري صاحب أشهر كٌتاب لتحفيظ القرآن الكريم بالقرية التي نشأ فيها الفقيد جزاه الله عنا خيرا وهي قرية جناج مركز بسيون محافظة الغربية .. وهناك التقينا أنا وفضيلته وأكلنا كثيرا من الضربات واللكمات المربحة من سيدنا الشيخ عبد المنعم بحري الذي كان يضربنا إن أخطأنا في الحفظ، يكل ما يتاح له من عصى أو خشب أو حتى أعواد من حديد غير مبالي بما يترتب عن هذا الضرب من آثار وما يسيل منا من دماء أحيانا .. ولكنه كان ضرب الأب الحافي الحريص على إجادة الحفظ واستحق أن يقال
قسا ليزدجروا، ومن يك راحماً
فليقسُ أحياناً على من يرحمُ
وكانت ثمرة هذه القسوة وهذا الحرص أن أتممنا حفظ القرآن حفظا جيدا، وحصلنا على أكبر جائزة مالية في حفظ القرآن وزميلة لنا تدعى الشيخة "مباركة" وذلك سنة 1952 م بينما حصل باقي المتسابقيين على جنيها واحدا أو نصف لكل فرد.
إلتحاقه بالأزهر:
-إلتحق الراحل الكريم بمعهد دسوق الابتدائي الذي يبعد عن القرية بحوالي 20 كيلو مترا أما أنا فالتحقت بمعهد طنطا وافترقت عن زميلي ثلاث سنوات ثم عدت وحولت أوراقي إلى معهد دسوق، ولم أكن أراه في خلال السنوات الثلاث وكان الفقيد الراحل أسوة حسنة لكل زملاؤه في العلم فلمن يكن يعرف طريقا إلى لهو الشباب وعبثهم أولم يكن لهو الشباب يعرف له طريق!. فقد كرس حياته على العلم والتحصيل منذ أن بدأ أول يوم في الدراسة حتى آخر يوم بل كان يقضي الأجازة الصيفية في الاستعداد للدراسة وقد عُني –رحمه الله- بحفظ المتون وربما الشروح في مختلف العلوم وكذا دواوين الشعر وقد وهبه الله ذاكرة قوية وحافظة جيدة.
الراحل الكريم شاعرا:
-بدأت رية الشعر تداعب مخيلة الشاعر الكريم وهو مازال حدث صغير في مرحلة الابتدائية والاعدادية ومع ذلك كان عملاقا يحاكي فحول الشعراء بشعر موزون مُقفى وقد ساعده على النبوغ في الشعر أساتذة كرماء في المعهد مثل الشيخ / عمار مدرس فنون الخط العربي الذي ظهر أثر تعليمه لفضيلته وكذلك الشيخ/ توفيق عاشور شيخ البلاغة والذي جعل الفقيد من عُشاق البلاغة ... وأذكر له بيتين جميلين من الشعر قد استهل بهما مناظرة أدبية في تحديد النسل أو عدم تحديده فقال رحمه الله:
أيها الداعون للتحديد ** قوة الله فوق هذي الحشود
لو أراد الإله خلق الوفِ ** ما منعتم وعدتم للسجود
وكذا الشيخ سليمان درويش الذي ألف مسرحية شعرية في إسلام النجاشي وأخرى في إسلام الفاروق عمر بن الخطاب. وفي قريتنا كان يتعهد شعر راحلنا الكريم بالصقل والتهذيب فضيلة الشيخ محمد ناجي خطيب المسجد الهاشمي بالقرية الذي كان شعره يقتل في غدوتيه وملاحه.
وكان لحفظ الفقيد كثيرا من دواوين المتنبئ وأبي تمام والبحتري والمعري وغيرهم من شعراء العصر الجاهلي والاسلامي مثل الأعشي وزهير وحسان بن ثابت أثر كبير فيه حتى أُلين له الشعر كما ألين لسيدنا داوود الحديد، حتى حاك ابن مالك في لألفيته في النحو، ولكن ألفية فقيدنا كانت في البلاغة ..
الراحل الكريم مدرسا للغة العربية:
بعد إتمام المرحلة الثانوية في معهد دسوق الديني التحق الراحل الكريم بكلية اللغة العربية التي كانت كلية القمة آنذاك في الوقت الذي لم يدخلها من القرية في هذا العام سوى الراحل وأنا معه .. وفي هذه الكلية تخرجنا بعد مضي خمس سنوات مدة الدراسة في ذلك الوقت بدرجة جيد جدا مع مرتبة الشرف وذلك عام 1965م وبعد شهرين من التخرج أُعلن عن مسابقة في وزارة التربية والتعليم لمدرسي اللغة العربية، اشترك فيها كل خريجي الكليات التي تخرج مدرسين اللغة وكان عدد المتسابقين 600 متسابق. كنت مع الراحل ضمن 200 تم تعينهم في الدفعة الأولى وذلك في سبتمبر عام 1965م ولكن لسؤ الحظ فإن وزارة التربية والتعليم وزعت الأوائل في الأماكن الشاغرة البعيدة فعُين الأستاذ الشيخ (حسن) رحمه الله في السويس وعُينت أنا في المنيا (الصعيد) ورُب ضارة نافعة! ..
في سنة 1967م بُليت مصر بنكسة حربية وبسببها تم تهجير أبناء السويس ومدن القناة إلى محافظات الوجه البحري وكان الفقيد ضمن من هاجروا إلى القليوبية (بنها) وعُين في مدرسة شُبرا الخيمة التابعة لبنها وهنا هاجر إلى ليبيا للعمل بالتدريس هناك. وهناك أُتيحت الفرصة للراحل الكريم لمواصلة الدراسات العليا حيث أصبح قريبا من الكتب وهناك وفقه الله للحصول على الماجستير وعاد إلى القاهرة وناقش رسالة الدكتوراة وعُين في جامعة الأزهر فرع الزقازيق وكنت أسعد الناس بلقائه في الإجازة الصيفية
وفي هذا العام التقيت بشقيقه (إبراهيم) وسألته عن أخباره فأخبرني بأنه أدى فريضة الحج في هذا العام مع أسرته وما هي إلا أيام حتى روعت بخبر وفاته، فسبحان من له الدوام تغمد الله الأستاذ الإمام برحخمته وأسكنه فسيح جناته إنه سميع قريب مجيب الدعاء ...
محمد صالح الغمراوي ... ،،
¥