تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أيها العاتب مهلا فنحن أبطال الكرة]

ـ[معاذ جمال]ــــــــ[12 - 02 - 08, 10:40 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها العاتب مهلا .... فنحن أبطال الكرة

و كأني بك أيها العاتب منزويا في رقعة من ذاك الحِواء المتواضع، مطرِق الرأس صارخا في صمت؛ كمن حاز بنات القلوب جميعا فهو يهدي مرتمضا من حرها.

و قد أعْذُرك ... فماذا يكون حال رجل يحمل هم هذه الأمة التي رضيت على مضض أن تكون أكلة هنيئة على قصعة الذل و المهانة؛ تتناوشها أيدي الطغام!! غير نُزَّع من الرجال أولي المروءات و الدِّين ما يزالون صامدين كالجلاميد الصم الشامخات، لا تهزها الفتن و لا تميلها المغريات.

و لكن اليد الواحدة لا تصفق، و ماذا يملك الرجل الدين الجلد وسط أمواج متلاطمة من الغثاء حيثما مر السيل انجرفت معه، كالسنبلة الفارغة تنقاد حيث أمالتها الرياح؟

و كأني بتلك العينين الذابلتين اللتان نضب ماؤهما تهمسان إلي فتقولان:

أين تلك الأسود الضواري التي رسمت بالأمس مجدا تليدا في أرض البطولات؟؟

و كأني بهما تذران بدل الدمع دما على صوامع هدمت و أراضي غصبت!

على حرمات انتهكت، و أعراض أبيحت! ..

على نساء دون ذنب ترملت، و أطفال دون جرم تيتمت! ..

على رضع في سن الزهور ذبحت، و شيوخ بغير جرم فجعت! ...

و كأني بهما و الدم يتحذر مسترسلا على الخدين بدل الدمع يغديه دم القتلى من الأبرياء .. و أصوات العجائز تلهج صارخة بالدعاء: اصطفهم اللهم في الشهداء ......

و كأني بك تنظر إلى هذا العالم الصامت نظرة شزراء حيث يقف موقف المحايد كلما كان الضحية هم المسلمين!. فلا دم اليوم يسفك، و لا عرض يستباح، و لا أرض تغتصب! غير دماء المسلمين .. و عرض المسلمين .. و أراضي المسلمين ..

و كأني بك تسأل عن البطولات هل انقرض رجالها و عفَّى الذُّل و الخنُوع زمانَها فاندرست آثرها، و نُسي - حيث غُيِّب تحت الثرى - أبطالها؟

فمهلا أيها العاتب!! إن البطولات لم تنقض، و لا رحل زمانها .. !

بل ما يزال في الأمة أبطال مغاوير، يحملون رايات البلاد الإسلامية خفاقة في السماء، و يُدخلون البهجة و السرور على كل القلوب!! أبطال ما يزالون يرسمون البسمة على الشفاه الحالمة بنسمة من ريح البطولات!!

أوَ ما سمعت بأبطال الكرة؟؟ بتلك الفيالق من الفرسان النبلاء الذين غادروا ثكناتهم صوب أرض البطولات و مسرح الإنجازات الباهرة!

ألم تر إليهم و هم يكَوِّنون فيالق متمرسة يكمل بعضها بعضا، حتى إذا خرجت إحداها من ساحة الوغى منهزمة، أو تقهقرت متردية تحمل ذل التخلف يوم الزحف، و عارَ الاندحار عن النصرة و إعادة البسمة للمكروبين الملتاعين!

حتى إذا خيب ذلك الفريق آمال الملايين من الجماهير الحالمة، و التي لم يبق لها سوى الحلم خيطا من أمل تتشبث به! رأيت الحسرة على وجوه تلك الجماهير، و الاستنفار من لدن المسئولين للنظر في هذه النكبة و الوقوف على أسبابها و تداعياتها حتى تتجنب الوقوع في نفس المأساة مستقبلا!!.

و كأني بك تقول: ليتنا فهمنا هذه المعادلة و أدركنا سر ضعفنا و هواننا فنظرنا إلى الأسباب، فعرفنا الداء و شخصنا الدواء، و وقفنا وقفة حقيقية لإعادة بريقنا و لمعاننا، و رفع الذلة و الهوان الذي ما فتئ يعصر قلوبنا و ينكس كرامتنا، لنمضي في طريق لاحب و مسلك فسيح أفيح!

كلا لا تقل هذا و من ذا الذي يأبى أن يجد لنفسه ميدانا تبرز فيه مواهبه، و تظهر فيه بطولاته ثم يتخلف عن تحقيق مآربه، و إدخال البسمة على الوجوه البائسة التي نسيت طعم الابتسامة؟!

و ليتك نظرت أو تحسست أخبار ذلك الفيلق (الفريق) الذي بقي صامدا بعد خروج جميع الفرقاء الأخرى فاستشعر تمثيل الأمة العربية و الإسلامية؛ فحمل العبء لوحده فكان بحق على قدر المسئولية، فقد ظل واقفا أمام جحافل المقاتلين طودا شامخا لا يكل و لا يمل رغم جميع المناورات و المحاولات المشروعة و غير المشروعة من الخصوم!

ألم تعلم أن للسود في إفريقيا طقوسا خاصة، و شعائر وثنية مرعبة! أجل فقد نازل أبطالنا و هم على الملعب اللاعبين كما نازلوا السحرة و المشعوذين، و للسحر في إفريقيا السوداء أهمية لا تقل عن الماء.

و حسبك بفطنة فرساننا من لاعبين، و دهاء مسيرينا من وفد مرافق و مسئولين فقد أتوا بما لم تتخيله العقول، و لا خطر لهؤلاء السود على قلوب!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير