فقد أتوهم بسحر مثله يبطل كيدهم و يرد خبثهم و مكرهم!!
و كأني بك تهمهم في صمت و تحذق بعينين ملتهبتين أضناهما الخور تستفسر في عن عمل المسئولين لإبطال كيد السحرة و المشعوذين؟!
ألم تعلم يا صديقي أن الحرب خدعة؟ و من أعظم الخدع أن أضربك بسلاحك و في عقر دارك في الزمان و المكان الذي لا تتوقعه؟.
لقد قام أبطالنا بذبح ثور حنيذ؛ بأمر من مشعبذ مرِيد على باب الملعب. و راح أبطالنا يرفسونه بأرجلهم و يمسحون به ثيابهم متمثلين أنفسهم يخوضون ساحات الوغى التي تطير فيها الجماجم و تشق فيها الرقاب! و لعل أبطالنا حينها كانوا يتخيلون تلك الدماء، دماء الأبرياء التي تسفك في كل وقت و حين؛ على أرض فلسطين و العراق و كشمير و بورما و أفغانستان و غيرها من الأراضي الجريحة.
فترى أبطالنا و قد هاجت مهجهم و تدفق الشرر من أعينهم كأنما ركبتهم الشياطين فإذا دخلوا ارض الملعب رأيتهم بحق الرجال فلا يخرجون إلا و قد حازوا النصر الأكيد. و قد نبأت أنهم يكررون ذلك قبل كل نزال!!.
و كأني بك تهز رأسك متأففا في أسى و تقول: كأن لم يبق لنا مجال إلا و خضناه!، و لا مجالا خضناه إلا و نبغنا فيه و كسبناه! و كنا أسياده و حملة راياته و من أرسى عراه!!!.
كأن لم تبق لنا إلا كرة القدم ميدانا نجلب فيه بخيلنا و رجلنا!!
فما أسعدنا بالكرة! و ما أسعد الكرة بنا!
إننا بحق أبطال و نحن نجوب ميادين الكرة لاعبين؛ أو متفرجين مشجعين!!
إنها البطولة بحق في زمن قلت فيه البطولات!!
ألم تنظروا إلى تك الأقدام المتسابقة خلف تلك القطعة الجلدية الحقيرة سباق المجنون نحو المجهول؟، و إلى تلك السيقان العارية و الأفخاذ الحاسرة البادية و هي تخوض المسالك الوعرة متحدية الصعاب و المهالك، متمطرة تمطر الخيول العِراب؛ لا في ميادين التحرير و الفضيلة و لكن في ميادين البطولة الجديدة! ميادين الكرة؟؟
و كأني بك تقول في تهكم: ألم ترو إلى ألئك الأبطال و هم يقذفون الكرة في ثبات و ثقة في النفس عالية! في الوقت الذي تقذف فيها الدبابات أبناء الأمة الإسلامية في الجانب الآخر من الخريطة العربية الإسلامية على مرأى و مسمع من العالم أجمع!!.
على مرأى من المنظمات الدولية!، و الهيئات الحقوقية!!
على مرأى من العرب .. على مرأى من المسلمين!!
لكن حسبي فماذا بوسع المسلمين أن يفعلوا و هم يتبادلون أدوار البطولة على مسرح كأس إفريقيا لكرة القدم بين لاعبين و متفرجين مشجعين!!
على مسرح البطولات الفريد!!
فما أسعدنا بك يا كرة القدم!
ألم تنظروا إلى شوارعنا حال مباريات منتخباتنا البطلة كيف تكون خلوا من السابلة؟ و إلى مساجدنا كيف تكون في شبه إجازة.
و تلك حسنات الولع بالكرة! الكرة التي من شأنها أن تعيد لنا مجدنا الغابر!
إنك لتسمع إلى المشجعين و هم يتصايحون بأصوات جهورية و حناجر ملتهبة صيحات لو سمعت في ميادين الفضيلة لخسفت الأرض تحت أقدام إخوة القردة و الخنازير.
و لكنه الضياع ... و ما هناك حيلة!
ألا مهلا أيها العاتب!
فقد كانت الفتوحات العظيمة مصدر عز و كرامة و مجلب فرحة و غبطة، و قد تغير الحال إلى ذل و مهانة و ما برحنا نخلع ثياب الصغار و الغضاضة، و نضع وشاح التبعية عن عواتقنا، و إننا اليوم و إن عجزنا عن إعادة أمجاد لنا أضعناها مع رحيل جيل الصحابة و الفاتحين، فإننا لم نعجز عن خوض ميادين البطولة على ملعب الكرة لإعادة شيء من البسمة إلى الشفاه، و إدخال الفرحة على القلوب. فهل تستكثر الفرحة على ألئك الأطفال الذي خرجوا إلى الشوارع مهللين و مكبرين؟، و على تلك النسوة اللائي أسمعننا زغاريد جفت الحلوق أن تتغنى بها منذ قرون؟.
و كأني بك تقول و الألم يعتصر فؤادك و اللوعة تكتم أنفاسك: لقد سمعت و رأى غيري أن أبنائنا خرجوا مهللين يرفعون عقيرتهم بالتمجيد و الهتافات للأبطال الفاتحين على تلك الجيفة الجلدية! و سمعت أن بناتنا خرجن متعطرات متبذلات يشاركن الرجال الأفراح بالفتح العظيم، و سمعت أن نسائنا خرجن بدورهن بل و حتى العجائز فيا له من عيد عظيم! جمع شمل المسلمين في ساحات البلاد كلها فرحين مسرورين فرحا ذكرني بأعياد الفاتحين.
و كأني بك تصيح: أو ما سمع هؤلاء ما يجري اليوم على أرض فلسطين؟ أو ما استشعروا حقيقة الأخوة في الدين؟، فأين نحن من جراحات المسلمين؟ أما وصلكم قول رسول رب العالمين:
(ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلاّ خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلاّ نصره الله في موطن يحب نصرته)
ألا مهلا أيها العاتب! أفلا يكفيك خروج أهل غزة ضمن المشجعين؟ هاتفين مهللين و مكبرين!! أو ما علمت بموقف ذاك الضرغام الجسور من اللاعبين، حيث سطر على قميصه تضامنه مع أهل فلسطين!، حتى لو أدى ذلك إلى شطب اسمه من لائحة اللاعبين، فأي فداء؟، و أي بطولة تبتغي بعد ما شاهدته العين؟. أفلا يحق لنا بعد هذا كله أن نفتخر بأبطالنا أصحاب الفتح المبين؟!!!.
¥