من مُلح كلامهم تقارُضُ اللفظين في الأحكام، ولذلك أمثلة:
أحدها: إعطاء غير حكم إلا في الاستثناء بها نحو (لا يستوي القاعِدون منَ المؤمنين غيرَ أولي الضّرر) فيمن نصب غير، وإعطاء إلا حكم غير في الوصف بها نحو (لوْ كان فيهما آلةٌ إلا اللُ لفسدتا).
والثاني: إعطاء أنْ المصدرية حكم ما المصدرية في الإهمال كقوله:
أن تقرأانِ على أسماءَ ويحكُما = مني السّلامَ وألا تُشعِرا أحَدا
الشاهد في أنْ الأولى، وليست مخففة من الثقيلة، بدليل أن المعطوفة عليها. وإعمال ما حمْلاً على أن كما روي من قوله عليه الصلة والسلام كما تكونوا يوَلّى عليكم ذكره ابن الحاجب، والمعروف في الرواية كما تكونون.
والثالث: إعطاء إن الشرطية حكم لوْ في الإهمال كما روي في الحديث فإلاّ تراهُ فإنّ يراك وإعطاء لو حكم إن في الجزم كقوله:
لو يشأ طارَ بها ذو ميْعةٍ
ذكر الثاني ابنُ الشجري، وخرّجه غيره على أنه جاء على لغة من يقول شا يشا - بالألف - ثم أبدلت الألف همزة على حد قول بعضهم العألم والخأتم - بالهمزة - ويؤيده أنه لا يجوز مجيء إن الشرطية في هذا الموضع، لأنه إخبار عما مضى، فالمعنى لو شاء، وبهذا يقدح أيضاً في تخريج الحديث السابق على ما ذكر، وهو تخريج ابن مالك، والظاهر أنه يتخرج على إجراء المعتل مجرى الصحيح كقراءة قُنْبُل (إنهُ من يتقي ويصبرْ فإنّ الله) بإثبات ياء يتقي وجزم يصبر.
والرابع: إعطاء إذا حكم متى في الجزم بها كقوله:
وإذا تُصِبْكَ خصاصةٌ فتحمَّلِ
وإهمال متى حكماً لها بحكم إذا، كقول عائشة رضي الله تعالى عنها وأنه متى يقوم مقامك لا يُسْمع الناس.
والخامس: إعطاء لم حكم لن في عمل النصب، ذكره بعضُهم مستشهداً بقراءة بعضهم (ألمْ نشْرحَ) بفتح الحاء، وفيه نظر، إذا لا تحل لن هنا، وإنما يصح - أو يحسن - حمل الشيء على ما يحل محله كما قدمنا، وقيل: أصله نشرحَنْ ثم حذفت النون الخفيفة وبقي الفتح دليلاً عليها، وفي هذا شذوذان: توكيد المنفي بلم مع أنه كالفعل الماضي في المعنى، وحذف النون لغير مقتضٍ مع أن المؤكد لا يليق به الحذف. وإعطاء لن حكم لم في الجزم كقوله:
لن يخِبِ الآن من رجائِكَ مَنْ = حرّكَ منْ دونِ بابِك الحلقهْ
الرواية بكسر الباء.
والسادس: إعطاء ما النافية حكم ليس في الإعمال، وهي لغة أهل الحجاز نحو (ما هذا بشراً) وإعطاء ليس حكم ما في الإهمال عند انتقاض النفي بإلا كقولهم ليس الطّيبُ إلا المِسكُ وهي لغة بني تميم.
والسابع: إعطاء عسى حكم لعل في العمل كقوله:
يا أبتا علّك أو عساكا
وإعطاء لعل حكم عسى في اقتران خبرها بأنْ، ومنه الحديث فلعلّ بعضَكم أن يكون ألحن بحُجّته من بعضٍ.
والثامن: إعطاء الفاعل إعراب المفعول وعكسه عند أمن اللبس، كقولهم: خرقَ الثوبُ المسمارَ، وكسر الزجاجُ الحجرَ، وقال الشعر:
مثلُ القنافذ هدّاجون قد بلغت = نجرانُ أو بلغتْ سوءاتِهم هَجَرُ
وسمع أيضاً نصبهما كقوله:
قدْ سالم الحيّاتِ منْهُ القدما
في رواية من نصب الحيات، وقيل: القدما تثنية حذفت نونه للضرورة كقوله: هُما خُطّتا إما إسارٌ ومنّةٌ
فيمن رواه برفع إسار ومنة، وسمع أيضاً رفعهما كقوله:
إنّ منْ صادَ عقْعَقاً لَمشومُ = كيف مَنْ صاد عقعقانِ وبومُ
والتاسع: إعطاء الحسن الوجْهَ حكم الضرب الرجل في النصب، وإعطاء الضارب الرجلِ حكم الحسن الوجهِ في الجر.
والعاشر: إعطاء أفعل في التعجب حكم أفعل التفضيل في جواز التصغير، وإعطاء أفعَل التفضيل حكم أفعل في التعجب في أنه لا يرفع الظاهر، وقد مر ذلك.
ولو ذكرت أحرف الجر ودخول بعضها على بعض في معناه لجاء من ذلك أمثلة كثيرة.
وهذا آخر ما تيسّر إيراده في هذا التأليف، وأسأل الله الذي منّ عليّ بإنشائه وإتمامه في البلد الحرام، في شهر ذي القعدة الحرام، ويسّر عليّ إتمام ما ألحقت به من الزوائد في شهر رجب الحرام: أن يحرِّم وجهي على النار، وأن يتجاوز عما تحمّلتُه من الأوزار، وأن يوقِظني من رَقدة الغفلة قبل الفوْت، وأن يلطفُ بي عند معالجة سكراتِ الموت، وأن يفعل ذلك بأهلي وأحبائي، وجميع المسلمين، وأن يُهدِي أشرف صلواته وأزكى تحياته الى أشرف العالمين، وإمام العاملينَ، محمد نبي الرحمة، الكاشف في يوم المحشر بشفاعته الغُمة، وعلى أهله الهادين، وأصحابه الذين شادوا لنا قواعِد الدين، وأن يسلم تسليماً كثيراً الى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين ... ).
ـ[الاينري]ــــــــ[23 - 08 - 08, 01:48 م]ـ
السلام عليكم
هذه محاولة واعتذر مسبفا
الفاء:استئنافية مبنية على الفتح لا محل لها من الاعراب.
كيف:حالية مبنية على الفتح في محل رفع مبتدا أو في محل رفع خبر لمبتدا محذوف تقديره (أمرُ) او (حالُ)
من: موصولة مبنية على السكون في محل جر مضاف اليه للمحذوف المذكور
صاد: فعل ماض مبني على الفتف
الفاعل:ضمير مستتر تقديره هو يعود على من
عقعقا: مفعول به منصوب
و: حرف عطف
بوم: معطوف على عقعقا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على اخره منع من ظهورها الحركة المناسبة للقافية
ويجوز للشاعر ما لا يجوز للناثر