تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العنوان في أعقاب ثورة شعبية تمخضت عن "الفرعونية" [2] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn2)، وحين كانوا يتحدثون بما صنع الكماليون من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، وترجمة القرآن للغة التركية، وإلزام الناس بالتعبد به، وتحريم تدريس العربية في غير معاهد دينية محدودة، وضعت تحت الرقابة الشديدة، وقد مضوا من بعد في مطاردة الكلمات العربية الأصل ينفونها من اللغة التركية كلمة بعد كلمة.

ثم بدا أنَّ الدعوة آخذة في الانتشار، حين اتخذت اللهجة السوقية في المسرح الهزلي [3] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn3)، ثم انتقلت إلى المسرح الجدي حين تجرأت عليه وقتذاك فرقة تمثيلية تتخذ اسمًا فرعونيًّا، وهي "فرقة رمسيس" فوجدت مسرحياتها إقبالاً ولقيت رواجًا عند الناس، وظهرت الخيالة (السينما) من بعد فاتخذت هذه اللهجة، ولم يعد للعربية الفصحى وجود في هذا الميدان [4] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn4)، ثم ظهرت هذه اللهجة السوقية التي تسمى بالعامية في الأدب المكتوب، فاستعملها كثير من كتاب القصة في الحوار، ولا يزال دعاتها يمكنون لها في هذا الميدان، ويجدون في ذلك جاهدين.

ولم يكن ذلك هو كل ما كسبته الدعوة الجديدة الَّتي روجها الإنجليز وعملاؤهم كما رأينا، ولكن أعجب ما ظهر من ذلك في هذه الفترة وأغربه، مما لا يخطر على البال، هو أن الدعوة قد استطاعت أن تتسلل متلصصة إلى الحصن الذي قام لحماية اللغة العربية الفصيحة، والمسمى "بمجمع اللغة العربية" فظهرت في مجلته الناطقة باسمه سلسلة من المقالات عن "اللهجة العربية العامية"، كتبها عضو من أعضاء هذا المجمع اسمه عيسى إسكندر المعلوف [5] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn5)، وإنَّ مِمَّا يدعو إلى العجب حقًّا أن يختار المجمع لعضويته رجلاً معروفًا بعدائه الصريح للعربية، وهو عداء عريق ورثه عن أبيه الذي أعلنه وجهر به حين سجَّله في مقال له نشرته الهلال سنة 1902، دافع فيه عن اللهجات السوقية، وقال إنه يشتغل بضبط أحوالها، وتقييد شواردها لاستخدامها في كتابة العلوم [6] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn6)، وقد أكد هذا المقال أن اختلاف لغة الحديث عن لغة الكتابة هو من أهم أسباب تخلفنا الثقافي، وزعم أنَّ من الممكن اتخاذ أي لهجة عامية لغة للكتابة، كالمصرية أو الشامية، وأنها ستكون أسهل على سائر المتكلمين بالعربية – على اختلاف لهجاتهم – من العربية الفصيحة [7] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn7)، كما أنه زعم أن تعلق المسلمين باللغة الفصيحة لا مبرر له، لأن هناك مسلمين كثيرين لا يتحدثون بالعربية ولا يكتبون بها، ولأن اللغة التي يتكلمها المسلمون هي غير العربية الفصيحة على كل حال، وقال إن كل ما يطالب به هو وضع قواعد هذه اللغة التي يتكلمون بها فعلاً وواقعًا، وختم المقال بقوله:

"وما أحرى أهلَ بلادنا أن ينشطوا من عقالهم طالبين التحرر من رق لغة صعبة المراس، قد استنزفت أوقاتَهم، وقوى عقولهم الثمينة، وهي مع ذلك لا توليهم نفعًا، بل أصبحت ثقلاً يؤخرهم عن الجري في مضمار التمدن، وحاجزًا يصدهم عن النجاح ... ولي أمل بأن أرى الجرائد العربية وقد غيرت لغتها، وبالأخص جريدة الهلال الغراء، التي هي في مقدمتها، وهذا أعده أعظم خطوة نحو النجاح، وهو غاية أملي ومنتهى رجائي".

هل تعرف عداء للعربية التي لم ينشأ هذا المجمع إلا لحمايتها أعرق من هذا العداء الصريح في الولد وأبيه على السواء؟ فلأي شيء اختير هذا العضو وأمثاله من المعروفين بالكيد للعربية وللعرب [8] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn8)؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير