[الصواب (في أثناء كذا) وليس (أثناء كذا)]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 03 - 08, 05:41 ص]ـ
[الصواب (في أثناء كذا) وليس (أثناء كذا)]
الذين أنكروا هذا الأسلوب (أثناء كذا) بغير (في) كثيرون، منهم:
- (أسعد داغر) في (تذكرة الكاتب)
- (شاكر شقير) في (لسان غصن لبنان)
- (عباس أبو السعود) في (أزاهير الفصحى)
- (محمد الشرقاوي) في (فن الكتابة)
- (فاروق شوشة) في (مجلة العربي)
- إبراهيم عبد المطلب في (الهداية)، وله مقال أيضا في منع ذلك في مجلة العربي.
- (د. عبد الفتاح سليم) في (اللحن في اللغة)
والذين ذهبوا إلى صحة قولهم (أثناء كذا) بغير حرف الجر (في) لا تخرج حججهم عن أربعة:
الحجة الأولى: الاستناد إلى قاعدة (النصب بنزع الخافض).
ولم أر من نص عليها، ولكن كلامهم يقتضيها؛ لأن الظرفية قرينة نزع الخافض؛ كما قال ابن مالك:
الظرف وقت أو مكان ضمنا .................. في باطراد كهنا امكث أزمنا
الحجة الثانية: الاستناد إلى ما ورد في كتب اللغة (أنفذت كذا ثني كتابي) وقياس الجمع (أثناء) على المفرد (ثني)، وهذا أشهر ما عندهم من استدلالات في هذه المسألة، كما ذكر ذلك أحمد العوامري، ومحمد العدناني وغيرهما.
الحجة الثالثة: الاستناد إلى السماع الوارد عن العرب في قول الشاعر الحزين الديلي:
ينام عن التقوى ويوقظه الخنا ................ فيخبط أثناءَ الظلام يجول
استند إلى ذلك صلاح الدين الزعبلاوي، وضعف الحجج الأخرى، وهذا أقوى ما يمكن أن يحتجوا به.
الحجة الرابعة: استعمال أهل العلم لهذا الأسلوب بلا نكير، كما في قول الرضي في شرح الكافية:
(إذ هي الأصل للعطف، فموضعها أثناء الكلام)
ذكر هذه الحجة أيضا الزعبلاوي وغيره.
وهناك حجة خامسة واضحة البطلان لا نشتغل كثيرا بالرد عليها، وهي الاستناد إلى أن المجمع اللغوي أجاز مثل هذا الاستعمال، ونص عليه في المعجم الوسيط.
وعلى هذا عول إميل يعقوب في دقائق اللغة.
وهذه الحجج كلها فاسدة لا يستقيم منها شيء، وإليك البيان:
أما الحجة الأولى:
فأكثر أهل العلم على أن النصب بنزع الخافض مقصور على السماع مع غير (أنْ) و (أنّ)، كما قال ابن مالك:
وعدِّ لازما بحرف جر ................. وإن حذف فالنصب للمنجر
نقلا وفي أن وأن يطرد ................. مع أمن لبس كعجبت أن يدوا
وحتى الذين ذهبوا إلى قياس ذلك لم يقولوا به عمليا في كل موضع، وكلامهم مؤول، فالإجماع العملي مستقر في هذه المسألة على عدم قياسية النصب بنزع الخافض، ولو فتح باب نزع الخافض لفسدت اللغة فسادا عريضا.
وأما الحجة الثانية ففيها نظر من وجهين:
أولا: أن هذا النص لم يرد إلا في كتاب الصحاح للجوهري، وقد اختلفت نسخ الكتاب في ذلك، ففي بعضها (أنفذت كذا في ثني كتابي) بزيادة (في)، وإذا اختلفت النسخ لم يكن الاحتجاج ببعضها أولى من بعض.
ثانيا: أن قياس الجمع على المفرد باطل لا يصح، وإن ساغ وقوع الجمع موقع المفرد في بعض المواضع فهذا مقصور على السماع اتفاقا، وكيف يقاس الجمع على المفرد وبينهما من الفروق ما لا يحصى؟
ووجه ثالث، وهو أن يقال: لم لا يكون ذلك خاصا بالفعل (أنفذ)؟ وحينئذ لا يكون لكم حجة في غيره من الأفعال.
وأزيدك بيانا فأقول: ما عليك إلا أن تعاقب بكلمة (أثناء) معناها ثم تنظر أيجوز حذف حرف الجر أم لا، فكما لا يجوز أن يقال: (حدث ذلك تضاعيفَ الأمر)، و (مشيت معاطف الوادي)، بدلا من حدث ذلك في تضاعيف الأمر) و (مشيت في معاطف الوادي)، كذلك لا يجوز ذلك في أثناء ولا فرق، والله أعلم.
وأما الحجة الثالثة:
فهي فاسدة أيضا؛ لأن (أثناء) في بيت هذا الشاعر مفعول به للفعل (يخبط) على حد قول امرئ القيس: وليل كموج البحر أرخى سدوله، ولا ينبغي أن ننظر في النصوص المنقولة عن القدماء بفهومنا المعاصرة، فلو كان هذا البيت لشاعر معاصر لما كان هناك تردد في حمل اللفظ على المعنى الذي يريدونه، ولكن الشاعر قديم من العهد الأموي (متوفى نحو 90 هـ) والمعنى على المفعولية واضح مستقيم، يتماشى مع المعهود في هذه اللفظة، فلا ضرورة تلجئ إلى فهم البيت بفهم مخالف للمعروف في كلام العرب.
وأما الحجة الرابعة فهي من أفسد ما يكون؛ وذلك لوجهين:
الأول: أن هؤلاء العلماء من المتأخرين لا يحتج بكلامهم اتفاقا، ولم يشتهر هذا الاستعمال بينهم حتى نزعم أن هذا إجماع سكوتي، بل هو نادر عندهم، والكثير المشهور جدا في كلامهم هو (في أثناء).
الثاني: أن المتأمل في كلام الرضي يفهم بوضوح أنه لا يقصد ما زعموا، بل (أثناء) في كلامه خبر للمبتدأ الذي هو (موضعها).
وأستغفر الله مما زل فيه القلم أو طغا به الفكر.
والله أعلى وأعلم، وبه الهداية ومنه التوفيق.
أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[12 - 03 - 08, 08:18 م]ـ
بارك الله فيك، ظاهر ما في كتب اللغة أن "ثني"و "أثناء" تدلان على المكان، وقد شاع في كتابات المحدثين استخدام "أثناء" للزمان، فهل لذلك وجه؟
¥