ومعروف عنه أنه ليس بشاعر، بل إنسانٌ لا صلة له بالشعر، كل مؤهلاته أنه يحب الحديث الشريف، ويعمل في خدمة طلبة علم الحديث منذ سنوات، واعذروه هنا إن أخطأ في شيء، فهو لم يدرس قواعد اللغة العربية في حياته، ولا علاقة له بعلوم الأدب والشعر، ولم يسمع حتى الساعة عن الأوزان والبحور، لكنه يكتب كلما جاءه ما يدفعه إلى الكتابة.
وذات مرة كنا ذاهبين إلى الحج، وكان يودعنا، وفجأه وجدناه يقول:
يا راحلين خذوا نفسي تودعكم
فأنا المحبُّ وقد بعدت حبيبته
قد مزق الشوقُ أحشائي ومزقني
وكم تساقط دمعي والِهًا لهفا
يبكي وليس البكا حزنا على ذهبٍ
يل دمعه. عشقه. قد صار في حجرٍ
في جانب البيت عند الباب موقعه
فلتذهب الآن ليلى نحو مغربها
... إلى آخره
ثم اتركوني قليلا أنتشي معكم
فلترحموني عسى الرحمن يرحمكم
فلتسألوا البيت كم أحببت يخبركم
واليوم سرتم وسار القلب يتبعكم
أو أن ليلى مع العير التي معكم
أحلى من الشهد إن ذاق الهوى فمكم
فلتسرعوا المشي قلبي سوف يسبقكم
أو ترحل اليوم سُعدى فالحنين لكم
وإليكم، ونحن في أيام الحج:
دموعٌ على أستار الكعبة ...
يا مَنْ أتاه الناسُ كي يتطهروا
لكنني دون العبادِ جَميعِهِم
فَطَمِعتُ فيكَ وجئتُ بيتك ضارعًا
ناديتُ يا ألله فاقبل توبتي
وخلعتُ ثوبيَ والحياةَ وما بها
أنا ما أتيتكُ بالصلاة فليس لي
بل جئتُ بابكَ يا رحيمُ بِذَلَّتِي
لبيك يا ألله فاقبلها إذًا
وخطوتُ نحو البيتِ يسبقني فمي
فلثمتُه وشفعتُها وأعدتُّها
وبدأتُ أسعى حوله متثاقلاً
فإذا رَمَلْتُ. أقضًّ ذنبي كاهلي
يا وحشتي، لا شيءَ أحمِلُه معي
يا ربُّ، إني قد أتيتكُ راكعًا
فاغفر ذنوبًا لا يضُرُّك حَجْمُها
يا ماءَ زمزم، هل ستغسِلُ عاصيًا
واليومَ قد جاء الكريمَ بذنبه
وأنختُ رحلي عند أحجار الصفا
وهناك ألقيتُ الذنوبَ على الحصى
فسعيتُ نحو الْمَرْوِ أبكي حالتي
ورملتُ في بطن المسيل تأسيًا
فقضيتُ سبعًا، والرجاءُ بخالقي
يا راحلين إلى منًى. هذي منى
صَلُّوا بها خمسًا كما فعل الذي
فإذا قضيتَ الفجرَ فيها فانتظر
وازحفْ مع الجمع العظيم ملبيًا
وانزلْ بأرضٍ دَبَّ فيها المصطفى
واسألْ صُخُورًا ها هنا عن رِفْقَةٍ
يا صَخْرَ نَمِرَةَ هل سَمِعْتَ خِطَابَهُ؟
أَسَمِعْتَ: (هَلْ بَلَّغْتُ؟) تُسْأَلُ أُمَّةٌ
أَسَمِعْتَ (اللهم فاشهد) حُجَّةً
وأقامَ مبعوثُ السماءِ صلاَتَهُ
هذا الحبيبُ أَحِبَّتِي مِن أجلنا
فاتْبَعْ هُدَاهُ تَفُزْ بِخَيرِ شَفاعةٍ
عرفاتُ يا جبلَ الدعاء تحيةً
قد جاء يدعو ربَّهُ في ذِلَّةٍ
يهواك، يشهدُ دَمْعُه وأنينُه
قِفْ ها هنا، واسترجع الذكرى معي
قِفْ، ها هنا نزل الختامُ، فَمِسْكُهُ
واقرَأْ: {وَأَتْمَمْتُ}، فقد نَزَلَتْ هُنا
واقرَأْ: {رَضِيتُ} وقد تَبَاعَدَ عهْدُها
وتَفَرَّقُوا. وتَمَذْهَبُوا. وتَشَرْذَمُوا
فتحول الإفكُ المبينُ إلى هدًى
عرفاتُ، قد نسي الجميعُ ختَامَهم
أن الرسولَ هو الإمامُ لِمَنْ نَجَا
يا ربُّ، إني قد أتيتكُ بارئًا
فارحم عُبَيْدك يا رحيمُ برحمةٍ
يا ربُّ، إني قد رفعتُ يدي هنا
واغفر لإخواني جميعًا ذنبَهم
عرفاتُ، قد حان الوداعُ وقارَبَتْ
قد شاء ربُّ العالمين فراقَنا
وشددتُ رحلي نحو جَمْعٍ قاصدًا
جمع النبيُّ بها الصلاةَ جماعةً
يا جَمْعُ، قد فاضت دموعي حسرةً
فأتيتُ مَشْعَرَها ألوذ بناصري
فذكرتُ ربي عنده متمثلاً:
ثم انتهينا والرحيلُ إلى منًى
يا راحلين إلى منًى، هيا بنا
فقصدتُ جمرتَها لأرمي سَبْعها
الله أكبر عند كل قذيفةٍ
الله أكبر قد رميتُ خطيئتي
الله أكبر نَجِّنِي يا خالقي
ومضيتُ أذبح ما تيسر مُقْتَدٍ
يا ربُّ، هَذِي من عُبَيدك فِدْيَةٌ
فاقبل من العبد الفقير سؤاله
وحلقتُ بعد الذبح مقتديًا به
فاليومَ يَسَّرَ للحجيج أمورَهُم
ورجعتُ نحو البيتِ يسبقني فمي
واسأل دهورًا كم عَشِقْتُ خيالَه
وشربت كأسًا من هواه تيمنًا
فبدأت أسعى بالإفاضة طائفًا
ئم اتخذتُ من المقام صلاتَه
وشربتُ من ماء السقاية زمزمًا
ثم اتجهتُ إلى الصفا بدءًا به
يا ربُّ، عند المَرْوِ أَختم حَجَّتي
واختم له بالحق عند مماته
¥