[مختارات من كتاب العمدة في صناعة الشعر ونقده]
ـ[الكهلاني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 11:10 م]ـ
السلام عليكم
هذه بعض المختارات فيها فائدة وطرافة من كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني. وقد حرصت على تقليلها واختصارها حتى لا تمل القاريء.
قال في باب الإطراد:
"ومن حسن الصنعة أن تطرد الأسماء من غير كلفة، ولا حشو فارغ؛ فإنها إذا أطردت دلت على قوة طبع الشاعر، وقلة كلفته ومبالاته بالشعر. وذلك نحو قول الأعشى:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ... وأنت امرؤ ترجو شبابك وائل
فأتى كالماء الجاري اطراداً وقلة كلفة، وبين النسب حتى أخرجه عن مواضع اللبس والشبهة ..
ولما سمع عبد الملك بن مروان قول دريد بن الصمة:
قتلنا بعبد الله خير لداته ... ذؤابَ بن أسماء بن زيد بن قاربِ
قال كالمتعجب: لولا القافية لبلغ به آدم!!! "
إلى أن قال:
"وجاء أبو الطيب فجاءك بالتعسف في قوله لسيف الدولة:
فأنت أبو الهيجا ابن حمدان يا ابنه ... تشابه مولود كريم ووالد
وحمدان حمدون وحمدون حارث ... وحارث لقمان ولقمان راشد
ففي هذا المعنى من التقصير أنه جاء به في بيتين وأنه جعله أنياب الخلافة بقوله:
أولئك أنياب الخلافة كلها ... وسائر أملاك البلاد الزوائد
وهم سبعة بالممدوح، والأنياب في المتعارف أربعة، إلا أن تكون الخلافة تمساح نيل أو كلب بحر؛ فإن أنياب كل واحد منهما ثمانية، اللهم إلا أن يريد أن كل واحد منهم ناب الخلافة في زمانه خاصة؛ فإنه يصح."
والحمد لله أولا وآخرا.
ـ[الكهلاني]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:42 م]ـ
وقد ذكر بن رشيق في هذا الباب عددا من الأبيات ولعله لم يقف على بيت بن دريد العجيب. فإن له بيتا لم أر مثله في هذا الباب, نسق فيه ثمانية أسماء بدون تكلف.
وهو في قصيدته الثائية الرائعة التي جاءت في خمسة وتسعين بيتا ويقول في مطلعها:
أَماطَت لِثاماً عَن أَقاحِ الدَمائِثِ .... بِمِثلِ أَساريعِ الحُقوفِ العَثاعِثِ
إلى أن يقول:
سَجيرَيَّ مِن شَمسِ بنِ عَمرِو بنِ غانِم .... وَنَصرِ بنِ زَهرانَ بنِ كَعبِ بنِ حارِثِ
هَلِ الرَبعُ بِالخَرجَينِ فَالقاعِ فَاللِوى .... فَأَنقاءِ جَنبَي مائِرٍ فَالعَناكِثِ
عَلى العَهدِ أَم أَوفى بِهِ الدَهرُ نَذرَهُ .... فَكَرَّ البِلى فيهِ بِأَيدٍ عَوائِثِ
فجاء في هذا البيت بثلاثة أسماء مطردة في الشطر الأول وأربعة أسماء مطردة في الشطر الثاني. وليس هذا هو البيت الذي أشرت إليه وإنما هو قوله بعد ذلك:
فَنِعمَ فَتى الجلّى وَمُستَنبِطُ النَدى .... وَمَلجَأُ مَكروبٍ وَمَفزَعُ لاهِثِ
عِياذُ بن عَمرو بنِ الحَليسِ بنِ جابِرِ بنِ زَيدِ بنِ مَنظورِ بنِ زَيدِ بنِ وارِثِ
فلم أر مثل هذا البيت في هذا الباب والله أعلم.
ـ[الكهلاني]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:43 م]ـ
عذرا فقد تكرر إرسال الرد
ـ[الكهلاني]ــــــــ[02 - 06 - 08, 08:15 ص]ـ
وكان علي بن سليمان الأخفش في صباه يعبث بابن الرومي لما يعلم من طيرته، فيجعل من يقرع الباب عليه بكرة ويتسمى له بأقبح الأسماء، فيمنعه ذلك من التصرف، فقال يتوعده:
قولوا لنحويناأبي حسن ... إن حسامي متى ضربت مضى
وإن نبلي متى هممت بأن ... أرمي نصلتها بجمر غضى
لا تحسبن الهجاء يحفل بال ... رفع ولا خفض خافض خفضا
ولا تخل عودتي كبادئتي ... سأسعط السم من عصى الحضضا
أعرف في الأشقياء بي رجلاً ... لا ينتهي أو يصير لي غرضا
يليح لي صفحة السلامة والس ... لم، ويخفي في قلبه مرضا
يضحي مغيظاً علي أن غضب ا ... لله عليه ونلت منه رضا
وليس تجدي عليه موعظتي ... إن قدر الله حينه فقضى
كأنني بالشقي معتذراً ... إذا القوافي أذقنه مضضا
ينشدني العهد يوم ذلك وال ... عهد خضاب أذاله فنضا
لا يأمنن السفيه بادرتي ... فإنني عارض لمن عرضا
عندي له السوط إن تلوم في ال ... سير وعندي اللجام إن ركضا
أسمعت إنباضتي أبا حسنٍ ... والنصح لا شك نصح من محضا
وهو معافى من السهاد فلا ... يجهل فيشرى فراشه قضضا
أقسمت بالله لا غفرت له ... إن واحد من عروقه نبضا
وكذلك قد فعل، قد مزقه بالهجاء كل ممزق، وجعله مثلة بين أصحابه، على أن الأخفش كان يتجلد عليه، ويظهر قلة المبالاة به، وهيهات! وقد وسمه سمة الدهر، وسامه سوم الخسف والقهر.
ـ[الكهلاني]ــــــــ[10 - 06 - 08, 07:43 ص]ـ
قال في باب "ما أشكل من المدح والهجاء":
"أنشدنا أبو عبد الله:
فجنبت الجيوش أبا خبيب ... وجاد على منازلك السحاب
قال: إن دعا له فإنما أراد أن يعافى من الجيوش، وأن يجوده السحاب فتخصب أرضه، وإن دعا عليه قال: لا بقي لك خير تطمع فيه الجيوش، فهي تتجنب ديارك لعلمهم بقلة الخير عندك، ويدعو على محلته بأن تدرسها الأمطار."
إلى أن قال: "ومن الدعاء الذي يدخل في هذا الباب قول الآخر:
تفرقت غنمي يوماً فقلت لها: ... يا رب سلط عليها الذئب والضبعا
قيل: إنهما إذا اجتمعا لم يؤذيا، وشغل كل واحد منهما الآخر، وإذا تفرقا آذيا، وقيل: إن معناه في الدعاء عليها قتل الذئب الأحياء عيثاً، وأكل الضبع الأموات، فلم يبق منها بقية."
ثم يقول:"ومما يمدح به ويذم قولهم " هو بيضة البلد " فمن مدح أراد بها أصل الطائر، ومن ذم أراد أنها لا أصل لها، قالت أخت عمرو بن عبدود في علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل أخاها:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... لقد بكيت عليه آخر الأبد
لكن قاتله من لا يعاب به ... من كان يدعى قديماً بيضة البلد
فهذا مدح كما تراه.
وقال الراعي النميري يهجو عدي بن الرقاع العاملي:
لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا ابن الرقاع، ولكن لست من أحد
تأبى قضاعة أن ترضى لكم نسباً ... وابنا نزار؛ فأنتم بيضة البلد"
¥