تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا تجد الصبي الناشئ بين أعراب البادية يتكلم بكلام العرب وأساليبهم مع جهله بقوانين اللسان العربي التي وضعها العلماء، إذ حصلت له الملكة بالمخالطة والسماع لا بتعلم القوانين.

وكان بعض السلف يحرصون على العيش مع الأعراب لتلقي اللغة الصحيحة كما صنع الشافعي - رحمه الله - وكان من عادة الخلفاء - وهم من سكان الأمصار كدمشق وبغداد - أن يرسلوا أبناءهم إلى بادية جزيرة العرب لتحصيل لغة العرب وفنونهم في الفروسية والقتال.

وإذا كانت مخالطة العرب الذين لم تفسد ملكتهم وكثرة الاستماع إليهم ضرورية لتحصيل ملكة التكلم بكلامهم الصحيح، فإن هذه المخالطة بالرحلة إلى البادية والمكث بها طويلاً لا تتيسر لكل من أراد تحصيل هذه الملكة، فاستعاض العلماء عن ذلك بجمع الجيد من كلام العرب المنظوم (الشعر) والمنثور (النثر) وتدوين ذلك في كتب إذا أكثر الإنسان من قراءتها وحفظها يصبح بمنزلة من خالط العرب واستمع إليهم كثيرًا فتحصل له هذه الملكة.

وسميت الكتب التي تجمع كلام العرب المنظوم والمنثور بكتب الأدب، وهذا هو العلم الرابع من علوم اللغة العربية.

ونذكر فيما يلي ما قاله ابن خلدون في موضوعه وثمرته وأهم كتبه:

أ - موضوع علم الأدب: هو جمع الجيد من كلام العرب المنظوم والمنثور.

قال ابن خلدون - رحمه الله تعالى – في " المقدمة " صـ 553:

" فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عَسَاه تحصل به الملكة، من شِعرٍ عالي الطبقة، وسجعٍ متساوٍ في الإجادة، ومسائل من اللغة والنحو مبثوثة أثناء ذلك متفرقة يستقري منها الناظر في الغالب معظم قوانين العربية، مع ذكر بعضٍ من أيام العرب يفهم به ما يقع في أشعارهم منها، وكذلك ذكر المهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة، والمقصود بذلك كله أن لا يخفى على الناظر فيه شئ من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفحه، لأنه لا تحصل الملكة من حِفظِه إلا بعد فهمه، فيحتاج إلى تقديم جميع ما يتوقف عليه فهمه " اهـ.

ب - ثمرة علم الأدب: هى في الأداء فقط لا التحمل.

أي في القدرة على التكلم بكلام عربي صحيح بليغ لا في فهم كلام الغير إذ الفهم يعتمد على قوانين اللسان العربي سالفة الذكر.

قال ابن خلدون – رحمه الله تعالى – في " المقدمة " صـ 553:

" وإنما المقصود منه عند أهل اللسان ثمرته: وهى الإجادة في فَنَّي المنظوم والمنثور على أساليب العرب ومناحيهم " اهـ.

جـ - أهم كتب علم الأدب:

قال ابن خلدون – رحمه الله تعالى – في " المقدمة " صـ 553 - 554:

" وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين وهى «أدب الكاتب» لابن قتيبة، وكتاب «الكامل» للمُبَرِّد، وكتاب «البيان والتبيين» للجاحظ، وكتاب «النوادر» لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها ".

ثم أضاف ابن خلدون لهذه كتابا خامسا وهو «الأغاني» لأبي الفرج الأصبهاني، والذي وصفه ابن خلدون بقوله (ولعَمْرِي إنه ديوان العرب وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتأريخ والغناء وسائر الأحوال ولا يُعدَل به كتاب في ذلك فيما نعلمه، وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها وأَنَّى له بها) اهـ.

فأهم كتب علم الأدب هى:

كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ (أبو عثمان عمرو بن بحر) 255 هـ، وله أيضًا كتاب (الحيوان)، وكتابه (البيان والتبيين) مطبوع في مجلد.

كتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة (أبو محمد عبدالله بن مسلم) 276 هـ، وهو صاحب كتاب (تأويل مختلف الحديث)، ولابن قتيبة كتاب آخر في الأدب وهو (عيون الأخبار)، وكتابه (أدب الكاتب) مطبوع في مجلد.

كتاب (الكامل في اللغة والأدب) للمُبَرّد (أبو العباس محمد بن يزيد) 285 هـ، وهو مطبوع في أربعة أجزاء، الرابع منها للفهارس.

كتاب (النوادر) لأبي علي القالي (أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي القالي الأندلسي 356 هـ، وله أيضا كتاب (الأمالي) وهو أكبر من النوادر، وكلاهما مطبوع.

كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني (علي بن الحسين بن محمد) 356 هـ.

كتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربه الأندلسي (أبو عمر أحمد بن محمد) 327 هـ، له طبعة في 7 أجزاء متوسطة، وأخرى في 8 أجزاء.

كتاب (زهر الآداب وثمر الألباب) لإبراهيم الحصري القيرواني 453هـ، مطبوع في جزأين.

كتاب (نهاية الأرب في فنون العرب) لشهاب الدين النويري 732هـ، جمع فيه نحو ألف قصيدة، وهو مطبوع ضخم.

كتاب (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) للقلقشندي (أبو العباس أحمد بن علي) 821 هـ، نسبة إلى قلقشندة قرية بمحافظة القليوبية بمصر، وهو أكبر كتب علم الأدب، جمع فوائد كتب السابقين، وهو مطبوع في أربعة عشر مجلدًا كبيرًا، تكلم في الأدب واللغة والتاريخ والتفسير والحديث والفقه وغيرها من الفنون.

كتاب (تاريخ آداب العرب) لمصطفى صادق الرافعي 1356هـ، وهو كتاب مكمل للكتب السابقة. إذ يتناول تطور علم الأدب عبر التاريخ وأهم رجاله وكتبه.

ويعتبر (علم العروض والقوافي) أحد العلوم الخادمة لعلم الأدب، والعروض هو علم موازين الشعر، وقد وضعه الخليل بن أحمد وهو أول من جمع أشعار العرب وحصر موازينها (تفاعيلاتها) في خمسة عشر بحرًا، ثم استدرك عليه تلميذه الأخفش بحرًا آخر - وهو المتدارك - فصارت بحور الشعر ستة عشر.

وبعد، فقد كان هذا عرضا لعلوم اللغة العربية الأربعة، ومنها ثلاثة علوم خاصة بقوانين اللسان العربي وهى: (النحو والصرف، واللغة، والبيان)، وثمرتها في تحمل اللغة وأدائها، وعلم رابع خاص بتحصيل ملكة التكلم بكلام العرب وأساليبهم البلاغية، وهو علم الأدب، وثمرته في الأداء.


* تهذيبًا من " الجامع في طلب العلم الشريف "
منقول
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير