وَإِن رَأَيتَ نارَ حَربٍ تَلتَظي = فَاِعلَم بِأَنّي مُسعِرٌ ذاكَ اللَظى
خَيرُ النُفوسِ السائِلاتُ جَهرَةً = عَلى ظُباتِ المُرهَفاتِ وَالقَنا
إِنَّ العِراقَ لَم أُفارِق أَهلَهُ = عَن شَنَآنٍ صَدَّني وَلا قِلى
وَلا اِطَّبى عَينيَّ مُذ فارَقتُهُم = شَيءٌ يَروقُ الطَرفَ مِن هَذا الوَرى
هُم الشَناخيبُ المُنيفاتُ الذُرى = وَالناسُ أَدحالٌ سِواهُم وَهوى
هُمُ البُحورُ زاخِرٌ آذِيُّها = وَالناسُ ضَحضاحٌ ثِغابٌ وَأَضى
إِن كُنتُ أَبصَرتُ لَهُم مِن بَعدِهِم = مِثلاً فَأَغضَيتُ عَلى وَخزِ السَفا
حاشا الأَميرَينِ الَّلذينِ أَوفَدا = عَلَيَّ ظِلّاً مِن نَعيمٍ قَد ضَفا
هُما اللَذانِ أَثبَتا لي أَملاً = قَد وَقَفَ اليَأسُ بِهِ عَلى شَفا
تَلافَيا العَيشَ الَّذي رَنَّقَهُ = صَرفُ الزَمانِ فَاِستَساغَ وَصفا
وَأَجرَيا ماءَ الحَيا لي رَغَدا = فَاِهتَزَّ غُصني بَعدَما كانَ ذوى
هُما اللَذانِ سَمَوا بِناظِري = مِن بَعدِ إِغضائي عَلى لَذعِ القَذى
هُما اللَذانِ عَمَّرا لي جانِباً = مِنَ الرَجاءِ كانَ قِدماً قَد عَفا
وَقَلَّداني مِنَّةً لَو قُرِنَت: = بِشُكرِ أَهلِ الأَرضِ عَنِّي ما وَفى
بِالعُشرِ مِن مِعشارِها وَكانَ كَالـ = حَسوَةِ في آذِيِّ بَحرٍ قَد طَما
إِنَّ اِبنَ ميكالَ الأَمير اِنتاشَني = مِن بَعدِما قَد كُنتُ كَالشَيءِ اللقى
وَمَدَّ ضَبعي أَبو العَبّاسِ مِن = بَعدِ اِنقِباضِ الذَرعِ وَالباعِ الوَزى
ذاكَ الَّذي ما زالَ يَسمو لِلعُلى = بِفِعلِهِ حَتّى عَلا فَوقَ العُلى
لَو كانَ يَرقى أَحَدٌ بِجودِهِ = وَمَجدِهِ إِلى السَماءِ لاِرتَقى
ما إِن أَتى بَحرَ نَداهُ مُعتَفٍ = عَلى أُوارى علمٍ إِلّا اِرتَوى
نَفسي الفِداءُ لِأَميرَيَّ وَمَن = تَحتَ السَماءِ لِأَميرَيَّ الفِدى
لا زالَ شُكري لَهُما مُواصِلاً = لَفظي أَو يَعتاقَني صَرفُ المنى
إِنَّ الأُلى فارَقتُ مِن غَيرِ قِلىً = ما زاغَ قَلبي عَنهُمُ ولا هَفا
لَكِنَّ لي عَزماً إِذا اِمتَطَيتُهُ = لِمُبهَمِ الخَطبِ فَآه فَاِنفَأى
وَلَو أَشاءُ ضَمَّ قُطرَيهِ الصِبا = عَلَيَّ في ظِلّي نَعيمٍ وَغِنى
وَلاعَبَتني غادَةٌ وَهنانَةٌ = تُضني وَفي ترشافِها بُرءُ الضَنى
تَفري بِسَيفِ لَحظِها إِن نَظَرَت = نَظرَةَ غَضبى مِنك أَثناءَ الحَشا
في خَدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى الـ = ننسرينِ بِالأَلحاظِ مِنها يُجتَنى
لَو ناجَتِ الأَعصَمَ لاِنحَطَّ لَها = طَوعَ القِيادِ مِن شَماريخِ الذُرى
أَو صابَتِ القانِتَ في مُخلَولِقٍ = مُستَصعَبِ المَسلَكِ وَعرِ المُرتَقى
أَلهاهُ عَن تَسبيحِهِ وَدينِهِ = تَأنيسُها حَتّى تَراهُ قَد صَبا
كَأَنَّما الصَهباءُ مَقطوبٌ بِها = ماءُ جَنى وَردٍ إِذا اللَيلُ عَسا
يَمتاحُهُ راشِفُ بَردِ ريقِها = بَينَ بَياضِ الظَلمِ مِنها وَاللمى
سَقى العَقيقَ فَالحَزيزَ فَالمَلا = إِلى النُحَيتِ فَالقُرَيّاتِ الدُنى
فَالمِربد الأَعلى الَّذي تَلقى بِه = ِمَصارِعَ الأُسدِ بِأَلحاظِ المَها
مَحَلَّ كُلِّ مُقرِمٍ سَمَت بِهِ = مَآثِرُ الآباءِ في فَرعِ العُلى
مِنَ الأُلى جَوهَرُهُم إِذا اِعتَزَوا = مِن جَوهَرٍ مِنهُ النَبِيُّ المُصطَفى
صَلّى عَلَيهِ اللَهُ ما جَنَّ الدُجى = وَما جَرَت في فَلَكٍ شَمسُ الضُحى
جَونٌ أَعارَتهُ الجَنوبُ جانِباً = مِنها وَواصَت صَوبَهُ يَدُ الصَبا
نَأى يَمانِيّاً فَلَمّا اِنتَشَرَت = أَحضانُهُ وَاِمتَدّ كِسراهُ غَطا
فَجَلَّلَ الأُفقَ فَكُلُّ جانِبٍ = مِنها كَأَن مِن قطرِهِ المُزنُ حَيا
إِذا خَبَت بُروقُهُ عَنَّت لَها = ريحُ الصَبا تشبُّ مِنها ما خَبا
وَإِن وَنَت رُعودُهُ حَدا بِها = راعي الجَنوبِ فَحَدَت كَما حَدا
كَأَنَّ في أَحضانِهِ وَبَركِهِ = بَركاً تَداعى بَينَ سَجرٍ وَوَحى
لَم ترَ كَالمُزنِ سَواماً بُهَّلاً = تَحسَبُها مَرعِيَّةً وَهيَ سُدى
فَطَبَّقَ الأَرضَ فَكُلُّ بُقعَةٍ = مِنها تَقولُ الغَيثُ في هاتا ثَوى
يَقولُ لِلأَجرازِ لَمّا اِستَوسَقَت = بِسَوقِهِ ثِقي بِرِيٍّ وَحَيا
فَأَوسَعَ الأَحدابَ سَيباً مُحسِباً = وَطَبَّقَ البُطنانَ بِالماءِ الرِوى
كَأَنَّما البَيداءُ غِبَّ صَوبِهِ = بَحرٌ طَمى تَيّارُهُ ثُمَّ سَجا
ذاكَ الجدا لا زالَ مَخصوصاً بِه = ِقَومٌ هُمُ لِلأَرضِ غَيثٌ وَجَدا
¥