تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجهاز)، لأنه أحدُ أفرادِه أيضًا؛ فتذكرَه، وتؤنّثَه في حالٍ. وهذا فاسِدٌ. فإذا امتنعَ قياسُ العلة، وقياسُ الشبهِ، وجبَ عليكَ الحملُ على الأصلِ في الأسماءِ؛ وهو التذكيرُ ([9] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn9)) ؛ فتذكرُ لفظَ (الكمبيوتر). ومثلُه أيضًا لفظُ (الإنترنت)؛ فإنه مذكر، وتأنيثُه خطأ.

الحال الثانية: أن يبلغَك عن العربِ فيهِ سَماعٌ؛ ولكنَّ المحدَثينَ عدَلوا بهِ عن حقيقةِ وضعِهِ إلى ضربٍ من المجازِ، فإنَّك لا تغيّره عن حالِه لاختلافِ المسنَد إليه تذكيرًا، وتأنيثًا؛ بل تطلقُ عليهما لفظًا واحدًا؛ فتقولُ: (هذا عضوٌ في مجمعِ كذا، وهذه عضوٌ في مجمعِ كذا).

فإن قيلَ:

ما لكَ فرَّقتَ بينَ (أستاذ)، و (عضو)؛ فادعيتَ أن مؤنثَ الأولِ بالتاء، وجعلتَ الثاني لفظُه لفظُ المذكَرِ؟

قلتُ: لأنَّهما مفترقانِ؛ فالأولُ بُنيَ في أصلِ وضعِهِ على معنى المشتقِّ. ألا ترَى أن معنَى (أستاذٍ): (معلِّمٌ) ([10] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn10)) ؛ يشهَدُ لهذا أنهم جمعوه جمعَ مذكَّرٍ سالمًا؛ فقالوا: (الأستاذُونَ)؛ إذ كانَ بهذا المعنى. ولولا ذلكَ، لم يسُغْ لهم جمعُه جمعَ سلامةٍ. وممَّن صنَعَ هذا ابنُ قتيبةَ ([11] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn11)) ، والحريريُّ ([12] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn12)) . أما الثاني، فإنه على التشبيهِ البليغِ؛ إذ إنك إذا قلتَ: (هذه عضوُ مجمع كذا)؛ فكأنك قلتَ: (هذه في المجمعِ مثلُ العضوِ في البدنِ)؛ فتكونُ شبهتَها بالعضوِ؛ فيستحيلُ أن تقولَ: (هذه عضوة)، لأنك تكونُ شبهتَها بالعضوةِ. وليسَ ذلكَ من كلامِ العربِ.

فإن قلتَ:

أحملُها على معنَى المشتقِّ، كما قالُوا: (مررتُ برجلٍ أسدٍ أبوه)؛ أي: شجاع، و (شربتُ ماءً عسلاً طعمُه)؛ أي: شديد الحلاوةِ.

قلتُ:

هذا محمَلٌ بعيدٌ في هذا اللفظِ. وقد أبَى العلماءُ قياسَه ([13] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn13)) . ولو سلَّمنا أنّه مقيسٌ، لم نُسلِّمْ أنَّه يؤنّثُ إذا أسنِدَ إلى مؤنّثٍ، أو كانَ وصفًا له؛ إذ لم يردْ في كلامِهم مثلُ هذا. ذلكَ أنَّه وإن ضُمّنَ معنى المشتقِّ، فإنه باقٍ على إرادةِ التشبيهِ؛ ألا ترَى أنّ معنى قولِك: (هذا رجلٌ حديدٌ) هو: (هذا رجلٌ كالحديدِ في الصلابةِ). وممَّا يُثبتُ لكَ امتناعَه أنّا لو أجزناه، لكانَ لكَ أن تقولَ: (مررتُ برجلٍ بدرةٍ أمُّه)، و (هذه امرأة بدرةٌ)؛ أي: جميلة كالبدرِ، كما قلتَ: (هذه امرأةٌ عضوةٌ). وهذا بيِّنُ القبحِ والفسادِ.

هذا إذا عدِمتَ السماعَ.

أما إذا بلغَك السَّماعُ عن العربِ في شيءٍ مما انقضَى ذِكرُه، فليسَ لك إلا أن تتبعَ سبيلَهم، وتقفوَ آثارَهم. ولذلكَ خطّأ الأصمعيُّ أن يّقالَ للمرأةِ: (زوجةٌ) ([14] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn14)) ، لأنه يزعمُ أنه لم يثبت عن العربِ. وردُّوا عليهِ بثبوتِ ذلكَ. على أنّ هذا يفيدُ أن مردَّ هذا الأمرِ إلى السَّماعِ. ويخطئ من يّظنّ أن الأصلَ في مفرداتِ العربيةِ وأحوالِ أبنيتِها القياسُ؛ بلِ الأصلُ فيها السّماعُ. والقياسُ إنما هو سبيلٌ إلى إدراكِ مذاهبِ العربِ متى ما عُدِم السماعُ.

ولذلكَ ليسَ لكَ أن تؤنثَ لفظًا، أو تذكّرَه حملاً على المعنَى؛ بل تقتصِر في ذلك على السماعِ. أمَّا خبرُ الأعرابيِّ الذي أنّثَ (الكتاب) حملاً على (الصحيفةِ) ([15] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn15)) ، فشاذٌّ. ولو أبحنا قياسَه، لكانَ لكَ أن تذكِّرَ كلَّ مؤنّثٍ، لأنه ليسَ شيءٌ من الموجوداتِ إلا هو يقبلُ أن تئوّلَه بمعنى (شيء). وهذا لازمٌ لا يصِحّ؛ وإذا امتنعَ، امتنعَ ملزومُه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير