تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كان مسمى الحرب والمرة أكره شيء للنفوس وأقبحها عندها؛ كان أقبح الأسماء: حربا، ومرة، وعلى قياس هذا: حنظلة، وحزن، وما أشبههما، وما أجدر هذه الأسماء بتأثيرها في مسمياتها، كما أثر اسم ((حزن)) الحزونة في سعيد بن المسيب وأهل بيته.

فصل


ولما كان الأنبياء سادات بني آدم، وأخلاقهم أشرف الأخلاق، وأعمالهم أصح الأعمال، كانت أسماؤهم أشرف الأسماء، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى التسمي بأسمائهم، كما في سنن أبي داود والنسائي عنه: ((تسموا بأسماء الأنبياء)).
ولو لم يكن في ذلك من المصالح إلا أن الاسم يذكر بمسماه، ويقتضي التعلق بمعناه، لكفى به مصلحة مع ما في ذلك من حفظ أسماء الأنبياء وذكرها، وأن لا تنسى، وأن تذكر أسماؤهم بأوصافهم وأحوالهم.

فصل
وأما النهي عن تسمية الغلام بـ: يسار، وأفلح، ونجيح، ورباح، فهذا لمعنى آخر قد أشار إليه في الحديث وهو قوله: ((فإنك تقول: أثمت هو؟ فيقال: لا)) – والله أعلم – هل هذه الزيادة من تمام الحديث المرفوع، أو مدرجة من قول الصحابي، وبكل حال فإن هذه الأسماء لما كانت قد توجب تطيرا تكرهه النفوس، ويصدها عما هي بصدده، كما إذا قلت لرجل: أعندك يسار، أو رباح، أو أفلح؟ قال: لا، تطيرت أنت وهو من ذلك، وقد تقع الطيرة لاسيما على المتطيرين، فقل من تطير إلا ووقعت به طيرته، وأصابه طائره، كما قيل:
تعلم أنه لا طير إلا على متطير فهو الثبور
اقتضت حكمة الشارع، الرؤوف بأمته، الرحيم بهم، أن يمنعهم من أسباب توجب لهم سماع المكروه أو وقوعه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تحصل المقصود من غير مفسدة، هذا أولى، مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه، بأن تسمي يسارا من هو من أعسر الناس، ونجيحا من لا نجاح عنده، ورباحا من هو من الخاسرين، فيكون قد وقع في الكذب عليه وعلى الله، وأمر آخر أيضا: وهو أن يطالب المسمى بمقتضى اسمه، فلا يوجد عنده، فيجعل ذلك سببا لذمه وسبه، كما قيل:
سموك من جهلهم سديدا والله ما فيك من سداد
أنت الذي كونه فسادا في عالم الكون والفساد
فتوصل الشاعر بهذا الاسم إلى ذم المسمى به، ولي من أبيات:

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير