ألاحبذا هند وأرض بها هند =وهند أتى من دونها النأي والبعد
1 ألاحبذا هند وأرض بها ii هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 03:09 ص]ـ
إن حقيقة النحو العربي بطريقته العربية تلك التي كانت رهينة النص وحبيسة التذوق؛ قد بعدت الآن فغدا محكومًا بالبراعة التي توسعت في العلل وكثرت فيها الإجتهادات التي ربما كان بعضها قاصرًا عن بلوغ مراده، في وضع يقنع الواقف أمامه. فوجدنا التخريج يصدر في مهارة، والتفسير يحدث ببراعة، كما وجدنا بعض أهل النحو من سلفنا يصطلحون على مسائل أطلقوا على بعضها النكات النحوية أو عويصات المسائل، مما جعل بعض المتأخرين يجنح لتضعيفها باطلاق قد عَدّه لطيفًا مثل قوله: "إنّ نكات النحو كالورد تُشَم ولا تُدْعَك"، وليت شعري هل مثل يصل عند المحدثين ذكرًا، ولما كنا هنا في مجال ذكر جهود علمائنا في النحو؛ لابد من الاشارة إلى أمر مهم نوثق فيه نحاتنا السالفين، فهم على ما رأيت لم يعرفوا بالتدليس كما هو الشأن عند بعض أصحاب الفنون. فرؤيتهم ومقولاتهم نقلاً ووصفًا هي من عندهم ومن قناعتهم، ولم تكن موضوعاتهم طائشة أو معممة ولكن هي الحقيقة التي اقتنعوا بها حسب جهدهم وكسبهم، ولم نعرف منهم من طلق النحو في بينونة صغرى أو كبرى، وتلك محمدة لأهل علم أجلاء كان الاخلاص رائدهم، والوفاء سلوكهم، حتى نهضوا بواجبهم وفق ما اقتضته ظروفهم، وحياتهم وأوضاعهم الثقافية والاجتماعية.
إن نحاتنا من سالف أيامهم قد اجتهدوا واستخدموا الأقيسة التي بدت لبعضهم كالجربانات كما قال أبو منصور بن الجيّان: "قياسات النحو تتوقف ولا تطرد كقميص له جربانات فصاحبه كل ساعة يخرج رأسه من جربانة" (3).
وأظن أن الخروج من جربانة إلى أخرى لا يمكن أن يصل بالإنسان إلى غايته الكاملة ما دامت العلوم كلها لا تدرك قيعانها في عمر المرء القصير وكما قيل: فإن العلم بحرٌ زخار لا يدرك له من قرار. وطود شامخ لا يسلك إلى قننه ولا يصار. من أراد السبيل إلى استقصائه لم يبلغ إلى ذلك وصولاً، ومن رام الوصول احصائه لم يجد إلى ذلك سبيلا. كيف وقد قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاَ}.
ورحم الله الزركشي في آخر مقولته: "فإن الصناعة طويلة والعمر قصير وماذا عسى أن يبلغ لسان التقصير ... "
من أجل هذا دعونا ننظر في درسنا النحو بما يلائم روحه ويساير طبيعته، عسانا نجيب أبناء عصرنا فيه فيقدموا على أبوابه وفصوله ومسائله بما يخدم لغة القرآن العظيم.
هذا وهنا أشير إلى وجهة نظر تمثلت لي خلال دراستي للنحو وتدريسه، تلك هي أن دراسة النحو على طريقة القدماء من خلال اللغة نفسها هو ما ينبغي أن يدور فيه تعليمه ومدارسته معنىً وشكلاً، وذلك مفهوم أحسب أن التماساته لم تنعدم في يوم من الأيام، وخلال الحقب المتتالية من علماء العربية الأجلاء. ولا أظن أن نواياهم وأعمالهم كانت قاصرة في مجموعهم. وكل متناول لمسائل النحو وقضاياه الأساسية في العربية لا أظنه يغفل الاعتبار الكافي الذي يلزمه أن يحفظ لسلفنا الصالح كل اجتهادهم وإخلاصهم للعلم والتجرد له. لكنا نود الإشارة إلى حقيقة مهمة تتمثل في أن النحو العربي تشابكت فيه عدة عوامل نتج عنها ما يلي:
أ/ تذاءبت على النمو المذاهب المختلفة.
ب/ احتضن النحاة اللهجات العربية التي اعترفوا بها فقط في مجال الإصلاح النحوي الذي اتفق عليه.
ج/ كثرت الاجتهادات في التخريج المرهق.
د/ قل الحافز نحو الترغيب.
هـ/ تدخلت المعالجة الشكلية المفرطة مع الاصرار والمحافظة على القائم من مسائل النحو والمتابعة القاسية لكل ما جدّ وظهر، دون الاهتمام بعامل الزمن وتنوع الرغبات والبيئات ووحدة العلوم العربية التي أسسها جِلّة من الأوئل والسير على طريقة العربي في لغتهم بمختلف لغاتها في براح وإفساح.
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 03:16 ص]ـ
عوامل العسر
¥