تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأدانت معظمُ بحوث المؤتمر الوضعَ اللغوي في بلداننا، فأشارت إلى أن أبناء النخبة يتعلّمون في مدارس أجنبية أو مدارس خاصة، ذات مناهج أمريكية أو بريطانية أو فرنسية أو إسبانية أو إيطالية، إلخ، وهي إن علّمت اللغة العربية فلا تخصّص لها أكثر من ساعتين في الأسبوع، ما ينتج عنه تفاوت ثقافي طبقي يهدّد السلم الاجتماعي. ومن ناحية أخرى فإن العلوم والتقنيات في الجامعات والمعاهد العليا تُدرَّس باللغة الأجنبية، الإنجليزية في بلدان المشرق والفرنسية في البلدان المغاربية. وأبناؤنا لا يجيدون اللغة العربية ولا اللغة الأجنبية. وإذا كانت اللغة وعاء الفكر، فإن الطالب العربي لا يحمل وعاءً سليماً بل ينوء تحت عدد من الأوعية المثقوبة التي لا تحتفظ بالمعارف والعلوم، ناهيك بعدم تمكّنه من تمثّل تلك المعارف والعلوم أو الإبداع فيها.

ولقد ذكر باحث مصري أن إحدى رياض الأطفال الأجنبية أضافت اللغة العربية إلى منهجها، فاحتجّ أولياء الأمور لدى مديرها قائلين إنهم أرسلوا أولادهم إليه ليعلّمهم الإنجليزية وليس العربية. وتشكّت أستاذة جامعية من إحدى الدول المغاربية تشارك في المؤتمر من أن ابنتها التي تبلغ الخامسة من العمر وتتعلّم العربية والفرنسية في روض الأطفال، ترفض مراجعة دروس اللغة العربية معها وتقول لها بالفرنسية: " ماما، أنا أكره العربية، لنقرأ الفرنسية." وقال مشارك آخر في المؤتمر من إحدى الدول المشرقية إن أبناءه الذين يتعلّمون في مدرسة أجنبية لا يفهمون العربية وهو مضطر إلى التحدث معهم في منزله باللغة الإنجليزية. وصرّح أحد المشاركين من دولة خليجية أنه عند عودته إلى منزله في المساء لا يفهم أطفاله الصغار فهم يتحدّثون بإحدى اللهجات الهندية، لأن المربّية هندية والخادمة هندية والسائق هندي، والإنجليزية الهندية هي السائدة في الأسواق والفنادق والمطاعم والمطارات وجلّ الأمكنة في البلاد. وأحيانا يضطر إلى استقدام مربيّة سيرلانكية بدل الهندية، فتتبلبل لغة أطفاله.

وبيّن الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية الدولية للطب النفسي، في مداخلته في المؤتمر أن التعدد اللغوي في الطفولة قد يسبب اضطرابات نطقية ونفسية وعقلية. وأن الأطفال العرب الذين يتلقّون تعليمهم في مدارس أجنبية أو بمناهج أجنبية يميلون إلى الشعور بالنقص واحتقار الأهل والشعور بالاغتراب الثقافي في بلدانهم، وأن هذا النوع من الاغتراب هو من أهم أسباب هجرة الأدمغة من بلداننا إلى الغرب.

مؤشّرات دولية إلى انقراض اللغة العربية:

كنا قد ذكرنا في مقال سابق عنوانه " العربية لم تعُدْ لغة عالمية" أن منظمة الأمم المتحدة في نيويورك تتجه إلى إلغاء العربية من بين اللغات العالمية الرسمية في المنظمة وهي: الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، الروسية، الصينية، العربية؛ وذلك لثلاثة أسباب: 1) عدم استعمال ممثلي الدول "العربية" اللغة العربية في الأمم المتحدة، فهم يستعملون الإنجليزية أو الفرنسية.

2) عدم وجود مترجمين عرب أكفاء يجيدون اللغة العربية.

3) عدم وفاء معظم الدول العربية بالتزاماتها المتعلّقة بدفع نفقات استعمال العربية في المنظمة.

وفي هذا المؤتمر، أوضح المفكّر التونسي الدكتور عبد السلام المسدّي (سفير تونس ووزير التعليم العالي والبحث العلمي سابقاً، ومن المؤمنين بضرورة تعريب التعليم العالي، لكنه لم يتمكّن من تعريب التعليم العالي أثناء توليه الوزارة) أن ضغوط الدول الكبرى على اليونسكو جعلتها تُعلن مؤخّراً أن الحقوق اللغوية تنحصر في ثلاثة: ـ الحق في لغة الأم (وليس اللغة الأم) ـ الحق في لغة التواصل في المجتمع ـ الحق في لغة المعرفة.

وتعني هذه الحقوق بالنسبة إلى بلداننا ما يأتي:

ـ لغة الأم: اللهجة العامية أو إحدى اللغات الوطنية غير العربية مثل الدنكا في السودان، والسريانية في سوريا، والأمازيغية في الجزائر والمغرب.

ـ لغة التواصل: اللهجة العربية الدارجة

ـ لغة المعرفة العالمية: الإنجليزية (أو الفرنسية في بعض البلدان)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير