- والثالث أن العادة حاكمة بأن الذين ينظمون الشعر مع عدم المعرفة بالعروض، يكون غالب تصرفهم في أوزان محصورة لا يتعدونها إلى غيرها، فيحجرون من الشعر واسعا.
- والرابع أن الطالب المبتدئ ينبغي أن يأخذ بالحزم في التعلم، فيختار من الطرق الموصلة إلى المراد أقربها وأسلمها من بنيات الطريق. ولا شك أن الاعتماد على السماع والذوق، دون القواعد والأصول، إنما ينفع المنتهي لا المبتدئ. لذلك متى ركن المبتدئ إلى ذلك، وترك قواعد الفن، أوشك أن يتعثر ويتردد، فلا يبلغ المراد.
- والخامس أن الناظم الذي لا يعرف العروض لا يكون قادرا على المنافحة عن شعره إذا تصدى له منتقد وادعى وجود الكسر فيه. فإن قصاراه حينئذ أن يقول: ذوقي وشعوري، فيعارض بنظيره، ويرجع إلى التقعيد والتأصيل. وهذا يقع لكثير من الناس، فإن السمع خوان، خاصة مع فشو العجمة، وأفول نجم الفصاحة والبيان.
2. القدرة على تمييز النظم الصحيح من المكسور، وبيان مواضع الكسر في المكسور منه، مع الدليل والتعليل.
3. تمييز الشعر من غيره مما ليس بشعر، كالنثر المسجوع. ونفعُ مثلِ هذا في تحقيق كتب التراث ظاهر.
4. المساعدة في استحضار الأبيات الشعرية التي طال العهد بها، فإن معرفة الوزن تجعل ألفاظ البيت يتداعى كل واحد منها إلى قرينه حتى يكتمل بناء البيت بهيا رائقا، كما نظمه صاحبه.
5. حفظ الشعر العربي المنقول من التحريف. ومن المعلوم أن الشعر ديوان العرب كما قال ابن عباس http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg ما؛ وحفظ الشعر وسيلة لحفظ العربية التي هي وعاء الشريعة.
6. معرفة معاني المصطلحات العلمية التي يتداولها العروضيون في كتبهم. وهذه المصطلحات يكثر دورانها في كتب الأدب والشعر، بل توجد في كتب التفسير والحديث والفقه، ويقبح بطالب العلم أن يجهلها.
ذكر واضعه:
يحق لهذه الأمة أن تفتخر بواضع هذا العلم، وهو رجل من عباقرة الدنيا، وأساطين الفكر. إنه الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي. ولد سنة 100، وتوفي سنة 175 على المشهور.
وقد كان من أئمة الإسلام زهدا وعفة وتمسكا بالدين، والتزاما بالسنة، مع ذكاء خارق، واطلاع واسع.
وهو واضع معجم العين، الذي يعد أول معجم عربي على الإطلاق، وإن كان الخليل لم يتمه ولم يهذبه. كما أنه من أعظم علماء النحو والصرف، وعليه – مع غيره من أئمة النحو - اعتماد سيبويه رحمه الله فيما دبجه يراعه.
نشأة العلم وأشهر ما ألف فيه:
تتابع العلماء بعد الخليل بن أحمد على التأليف في علم العروض. فجمع بعضهم تأليفا مستقلا في هذا الفن، وأدرج آخرون الكلام عليه ضمن كتاب جامع، لفنون مختلفة.
فمن الصنف الأول:
- عروض الأخفش. وقد وجد طرف منه ونشر.
- القسطاس للزمخشري. وهو كتاب مختصر جدا.
- الوافي للتبريزي. وهو كتاب نافع.
- كتاب (شفاء الغليل في علم الخليل) لمحمد بن علي المحلي المتوفى سنة 673. وهو كتاب عظيم الفائدة، مع عدم اشتهاره بين الطلبة. ومن فوائده أنه أطال النفس –في شرح المعاقبة والمراقبة والمكانفة بما لا مزيد عليه.
ومن الكتب المرتبطة بمتون علمية في هذا الفن:
- كتاب الإرشاد الشافي في شرخ متن الكافي، وله مختصر. وفي هذا الكتاب مباحث عروضية دقيقة تروي غلة الصادي.
- كتاب العيون الغامزة على خبايا الرامزة للدماميني، ولم أطلع عليه، لكن يبدو من النقول عنه أنه جليل النفع.
ومن كتب المعاصرين:
- كتاب ميزان الذهب في صناعة شعر العرب للسيد هاشمي.
- كتاب أهدى سبيل إلى علمي الخليل لمحمود مصطفى.
ومن الصنف الثاني:
- كتاب العقد الفريد. ومن فوائده تكثير الشواهد الشعرية.
- كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني، فيه فصل خاص بالأوزان.
- كتاب مفتاح العلوم للسكاكي. فقد عقد المؤلف في آخر الكتاب فصلا نافعا في علم العروض.
وكتب العروض كثيرة جدا لا سبيل إلى إحصائها، لكن ما ذكر هنا يغني عن غيره.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على محمد وآله.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[28 - 10 - 08, 05:29 م]ـ
الدرس الأول نظري، فلا مجال فيه للتمرينات.
والدرس الثاني يأتي إن شاء الله تعالى بعد وقت يسير.
ـ[محمد براء]ــــــــ[28 - 10 - 08, 07:53 م]ـ
بارك الله فيكم
ما الفرق بين هذه الدروس والدروس الصوتية؟ وكذلك دروسكم الكتابية القديمة؟.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[28 - 10 - 08, 10:37 م]ـ
بارك الله فيكم
ما الفرق بين هذه الدروس والدروس الصوتية؟ وكذلك دروسكم الكتابية القديمة؟.
أحسن الله إليك
- الفرق بين هذه الدروس والدروس الكتابية القديمة: أن هذه تسير على ترتيب كتب العروض، وتعتني بذكر المصطلحات العروضية كلها، أو جلها. أما السلسلة القديمة، فذات ترتيب مبتدع، وإغفال لكثير من المصطلحات كأسماء الزحافات والعلل مثلا.
فهذه أكمل وأقرب إلى الجادة المعروفة عند العروضيين.
- الفرق بين هذه الدروس الكتابية والدروس الصوتية:
في الدروس الكتابية: إمكانية التفاعل عن طريق الأسئلة والتمرينات + الدروس صغيرة الحجم، فتتيح المتابعة للذين يملون بسبب الطول.
في الدروس الصوتية: يسهل شرح التقطيع العروضي بطريقة مسموعة.
ثم إن بعض الطلبة يفضلون السماع، وآخرون يفضلون المطالعة.
أما من حيث المادة العلمية، فهي واحدة، وهي المادة نفسها التي توجد في كتب العروض كلها، وإنما الاختلاف يكون في الأساليب التعليمية.
وهدفي من هذا كله: تقريب هذا العلم وتيسيره، وإقامة الحجة على الذين يتعللون بصعوبته (ابتسامة).
¥