أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3

ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[09 - 07 - 09, 01:18 ص]ـ

قولٌ على قولٍ

اعترض على مقالي المنشور في الجمعة الماضية محمد بن خالد العساف وكتب إلي يقول: شيخي الكريم، اسمح لي أن أخالفك في مسألة تسمية المخترعات .. يقول شاعر النيل:

وسِعتُ كتابَ الله لفظا وغايةً وما ضقتُ عن آيٍ به وعِظاتِ

فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلةٍ وتنسيقِ أسماءٍ لمخترعاتِ

وأما وجهة نظرك أنهم تعبوا في هذا الاختراع ونبخل عليهم بالتسمية فأقول: كلّ أمة تحترم نفسها تترجم العلوم على لغتها مثال فرنسا كل جامعاتها تدرّس الفنون بلغتها حتى الطِّب وتغير جميع المصطلحات من أجل ذلك وأنت -يا شيخنا- تمنع من تغيير أسماء المخترعات بما يوافق لغتنا!!

هذا كل ما قاله وأقدم له شكري الوافر، وأوجز له الجواب فأقول:

أما قول شاعر النيل، فهو – وإن كان مقدّما عندي على شوقي - قد خلط بين أمرين لا تلازم بينهما وجعلهما متلازمين فإن اللغة إن كانت قد وسِعت كتاب الله لفظا ومعنى فإنه لا يلزم من أن تسع كل شيء فالقرآن لم يجمع جميع الألفاظ العربية، ثم إنَّ في القرآن ألفاظا معرَّبة في قول الأكثرين كلفظ (استبرق) و (سندس) ثم إنّ كتاب الله هو الذي وسع العربية وليست هي التي وسعته، ثم إني لا أقول: إنه لا يجوز تبديل الألفاظ بترجمتها المناسبة ولكني أعيب على من يعيب النطق بها بأسمائها التي سمّاها بها أصحابها، ثم إني أقول: إنّ تعريبها، أي: نطقها بصيغة من صيغ العربية أمر سائغ وهو سنة العرب وطريقة علماء العربية، ثم إنّ القول بأنّ ذوي اللغات الأخرى يترجمون كل ما يرد عليهم من غيرهم ترجمة دلالية غير دقيق، ثم ماذا تقول – يا محمد – وأنت من أهل الذوق والنظر والأثر في صنيع العرب وعلماء العربية الذين نقلوا الألفاظ الأعجمية بلا تعريب؟ وهل ترجم الفقهاء لفظ (السفتجَة) المعروف في كتب الفقه التي تدرسها ترجمة حرفية؟ ألم تعلم – وأنت ممن حفظ صحيح مسلم – أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى النردشير باسمه ولم يغيره؟ ثم ماذا تقول – يا محمد – في أسماء الشجر كالإسفاناخ (السبانخ) وأسماء الحجر كالزمرّد، وأسماء الحيوان كالكركدَن، وأسماء الأعيان والأزمان والأماكن التي كان لغير العرب السبق في معرفتها وتسميتها، إني أعظك أن تقف هنا وألا تتبع خطوات هذا الرأي فتقول: إنه يجب أن نغير أمريكا ولندن وباريس ونترجم هذه الأسماء إلى لغتنا العربية.