وهو الأصح، أن هذه الآية في خصوص أهل الكتاب،والمعنى أنهم قبل نزول قتالهم لا يكرهون على الدين مطلقا وبعد نزول قتالهم لا يكرهون عليه إذا أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
والدليل على خصوصها بهم ما رواه أبو داود وابن أبي حاتم والنسائي وابن حبان وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله: لا إكراه في الدين.
المقلاة: التي لا يعيش لها ولد، وفي المثل: أحر من دمع المقلاة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال نزلت: لا إكراه في الدين في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلما، فقال للنبي: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله الآية.
وروى ابن جرير أن سعيد بن جبير سأله أبو بشر عن هذه الآية، فقال: نزلت في الأنصار، فقال: خاصة؟ قال: خاصة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة بإسنادين في قوله: لا إكراه في الدين قال: أكره عليه هذا الحي من العرب لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يقبل منهم غير الإسلام، ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج ولم يفتنوا عن دينهم فيخلى سبيلهم.
وأخرج ابن جرير أيضا عن الضحاك في قوله: لا إكراه في الدين أو قال: أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان فلم يقبل منهم إلا: لا إله إلا الله أو السيف، ثم أمر فيمن سواهم أن يقبل منهم الجزية، فقال: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أيضا في قوله: لا إكراه في الدين قال: وذلك لما دخل الناس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية،فهذه النقول تدل على خصوصها بأهل الكتاب المعطين الجزية ومن في حكمهم، ولا يرد على هذا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن التخصيص فيها عرف بالنقل عن علماء التفسير لا بمطلق خصوص السبب، ومما يدل للخصوص أنه ثبت في الصحيح: عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل.
الأمر الثاني /
أنها منسوخة بآيات القتال كقوله: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين
الآية [9 5]، ومعلوم أن سورة «البقرة» من أول ما نزل بالمدينة، وسورة «براءة» من آخر ما نزل بها، والقول بالنسخ مروي عن ابن مسعود وزيد بن أسلم، وعلى كل حال فآيات السيف نزلت بعد نزول السورة التي فيها: «لا إكراه» الآية، والمتأخر أولى من المتقدم، والعلم عند الله تعالى.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[09 - 05 - 10, 12:04 ص]ـ
قوله تعالى: إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية.
هذه الآية تدل بظاهرها على أن الوسوسة وخواطر القلوب يؤاخذ بها الإنسان مع أنه لا قدرة له على دفعها، وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الإنسان لا يكلف إلا بما يطيق كقوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [2 286]، وقوله: فاتقوا الله ما استطعتم [64\ 16].
والجواب/
أن آية: إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه منسوخة بقوله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[11 - 05 - 10, 06:36 م]ـ
قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات الآية.
هذه الآية الكريمة تدل على أن من القرآن محكما ومنه متشابها.
وقد جاءت آية أخرى تدل على أن كله محكم وآية تدل على أن كله متشابه، أما التي تدل على إحكامه كله فهي قوله تعالى: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير [11\ 1]، وأما التي تدل على أن كله متشابه فهي قوله تعالى: كتابا متشابها مثاني [39\ 23]،
ووجه الجمع بين هذه الآيات /
أن معنى كونه كله محكما، أنه في غاية الإحكام أي الإتقان في ألفاظه ومعانيه وإعجازه، أخباره صدق وأحكامه عدل، لا تعتريه وصمة ولا عيب، لا في الألفاظ ولا في المعاني.
ومعنى كونه متشابها، أن آياته يشبه بعضها بعضا في الحسن والصدق، والإعجاز والسلامة من جميع العيوب، ومعنى كون بعضه محكما وبعضه متشابها، أن المحكم منه هو واضح المعنى لكل الناس كقوله: ولا تقربوا الزنا [17]، ولا تجعل مع الله إلها آخر [17\ 39].
¥