تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل (مختار الصحاح) هو مختار الصحاح؟ الجواب: لا!]

ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[24 - 06 - 09, 08:11 ص]ـ

يقرأ الإنسان في قائمة المصادر لرسائل علمية كثيرة كتاب مختار الصحاح، هكذا يجعلونه مصدرا من مصادرهم، فإذا جئنا إلى هذا الكتاب الذي رجعوا إليه نجده ليس هو مختار الصحاح للرازي وإنما تهذيب مختار الصحاح الذي عمله الأستاذ محمود خاطر لوزارة المعارف المصرية في العشرينيات من القرن الماضي.

والعجيب أن أحدا حتى من أصحاب الدراسات المتخصصة في العربية لم ينبه على هذا الأمر ولو في حاشية المصدر أو في موضعه من الدراسة مع أهميته، صحيح أن قائمة المراجع قد اصطلح على أنها تكتب حسب بيانات غلاف الكتاب حتى إن كان يحتوي على كذب صراح كنسبة الطبعة المنيرية لدار الكتب العلمية مثلا، لكن ليس هذا العرف بشيء إن أحل حراما او حرم حلالا!

((انتهى صاحب السطور بفضل الله تعالى من تحقيق نسخة (مختار الصحاح) في صورتها التي صنفه عليها الرازي قبل صنيع وزارة المعارف المصرية، وذلك على بعض نسخه الخطية والمطبوعة قديما نسأل الله أن ييسر نشره والإفادة منه حتى يعود الصواب وترتفع جهالة الباحثين بهذا الأمر المهم).

لذلك ففي مقدمة نشرتي لمهذب مختار الصحاح هذا الذي صنعه الأستاذ محمود خاطر كتبت ما يلي:

"فهذا كتاب (ترتيب مختار الصحاح) وهو الاسم الذي ينبغي أن يسمى به، وقد نشر هذا الكتاب من أول ما نشر باسم مخالف لمبناه، وعنوان متنافٍ مع طريقته ومحتواه.

تاريخ هذا الترتيب الجديد:

فقد عهدت وزارة المعرف بمصر إلى الأستاذ محمود خاطر - رحمه الله - اخنصار الكتاب وإعادة ترتيبه على بدايات الجذور كطريقة المصباح المنير تسهيلا للطلاب (فمن المعروف أن الرازي قد رتب (مختار الصحاح) على القافية، يعني على أواخر الجذور، وهو نفس ترتيب أصله وهو الصحاح للجوهري)، فصنع ذلك مشكورا، فقد تميزت هذه الطبعة بدقة الضبط وكمال التحقيق [دراسة في مختار الصحاح للرازي د. هاشم طه شلاش. (مقال منشور بمجلة المجمع العلمي العراقي - العدد 3 - المجلد 34 - رمضان المبارك 1403 هـ) ص243.]، إلا أنه فاته معظم الأمر وأهم ما فيه، وهو أن يسمي كتابه هذا بالاسم اللائق به، وهو تهذيب مختار الصحاح، أو ترتيب مختار الصحاح، لأنه ليس هو الكتاب الذي صنعه الرازي لا كمَّا ولا كيفا:

? فأما كمَّا فلأنه حذف منه عبارات لم ير فيها تناسبا مع الطلاب في عمرهم هذا.

? وأما كيفا فلأنه أعاد ترتيب مواده على بدايات الجذور، وليس على نهاياتها كما فعل الرازي - رحمه الله - وهو بهذه الصورة لم يعد كتاب الرازي، وإنما أصبح كتاب الشيخ محمود خاطر الذي رتب به المختار وهذبه 0

ويصف الأستاذ عبد الغفور عطار هذا الصنيع بقوله: "فكرت وزارة المعارف المصرية في طبع (مختار الصحاح) فأفسدت جوهره، وغيرت نظامه، واستبدلت به ما يجدر أن يكون كتابا آخر، وزعمت أنه مختار الصحاح، ومن الغريب أن تزعم انه هو نفسه (مختار الصحاح)، وما أدري كيف يكون ذلك بعد أن غيرت ترتيبه ليكون موافقا ترتيب (أساس البلاغة) للزمخشري و (المصباح المنير) للفيومي والمعجمات الحديثة، وحذفت الوزارة " ما لا ينبغي ان يطرق مسامع النشء"، وكان أولى بالوزارة أن تغير اسم الكتاب وتخلع عليه اسما جديدا " ويعلل الأستاذ عطار ذلك الحكم بأنه " ليس من الأمانة أن يحدث الناشر تغييرا جوهريا في كتاب ويتصرف في ترتيبه ونظامه ومواده، ويحذف ما يريد، ثم يستبقي اسمه واسم مؤلفه الذي اعتدي على حقه وسلب" [الصحاح للجوهري تحقيق عبد الغفور عطار - المقدمة ص203].

ونحن مع الأستاذ عطار في هذا كله إلا أننا لا نرى أن وزارة المعارف قد أفسدت جوهر الكتاب، فهذا نوع من التهذيب والترتيب درج عليه العلماء، لكن كانوا وما يزالون ينصون على تسمية للكتاب في هيئته الجديدة، ولا يتركون الاسم الأول وكأن المصنف الأول قد صنفه على هذه الصورة.

فالحقيقة أن كثيرا من المتخصصين - بله الطلاب الشداة - لا يزال يظن أن كتاب الرازي (مختار الصحاح) هو هذا الذي بين أيدينا! وهي جناية ليس من السهل تغافلها في ميدان العلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير