(من شعر هشام أخي ذي الرمة:
حتى إذا أمعروا صفقَي مباءتهم ... وجرَّد الخُطْبُ أثباجَ الجراثيمِ
...
شرحَ الأستاذ [يعني شاكرًا] البيت الأول بقوله: (أمعروا: أكلوا. الصفقتان: الناحيتان. المباءة: منزل القوم حيث يتبوءون. الخُطْب: جمع أخطَب، وهو الحمار تعلوه خضرة). [قال صقر] وهو خطأ، لأن الشاعر لم يرِد بالخُطْب الحميرَ؛ وإنما أراد النوق التي كانت ترعَى ... ) ا. هـ.
قلتُ:
جهَدَ الأستاذان نفسيهما في تفسير (الخُطْب)، والاحتجاج لها؛ فلم يهتدِيا إلى غايةٍ، ولا أبانا عن معنًى. ذلكَ أنَّ هذه الكلمة مصحَّفة عن (الحَطْب) بالحاء المهملة، مصدَر (حطَبَ)؛ فصواب البيت:
... وجرَّد الحَطْبُ أثباجَ الجراثيم ...
والأثباج هنا: الأعالي.
والجراثيم: جمع جرثومة. وهي الترابُ يكون أصلاً للشجرة، ويكون مرتفعًا عما حولَه.
يريد: أنهم لما أكلوا ما قِبَلَهم من النبات، ورعَوا ما حولَهم من المرعَى، وجرَّد الاحتطابُ أصولَ الشجر من الشجر، على حينِ إدبار من الربيع، وإقبال من الصيفِ، ردُّوا الجمالَ؛ فانصرفوا إلى أعدادِهم، ومياههم التي كانوا عليها، وقد سمِنت جمالُهم، ونما وبَرُها، كما قال في بيت بعده:
عركركٍ، مهجر الضؤبان، أوَّمَه ... روضُ القِذاف ربيعًا أيَّ تأويمِ
و (أوَّمَه): سمَّنه.
وكما قال الشماخ:
تربعَ أكنافَ القَنانِ، فصارةٍ ... فماوانَ، حتى قاظَ وهو زهومُ
أي: سمين.
ويصحِّح بيتَ هشام المتقدِّمَ قولُ ذي الرمَّة أخيه:
به عرصاتُ الحيِّ قوَّبن متنَه ... وجرَّد أثباجَ الجراثيم حاطبُهْ
وهو ثابت على الصواب في «العباب»، و «التكملة»، و «تاج العروس». ومعدولٌ عنه في «التهذيب»، و «اللسان».
وفي هذه القصيدة أخطاءٌ كثيرةٌ من التصحيفِ، والتحريفِ، ورداءة الشرحِ، تركتُ التعرُّض لها، لأنها ليست داخلة في حدِّ ما ذكرنا.
ـ[الكهلاني]ــــــــ[23 - 08 - 09, 06:41 م]ـ
بارك الله فيك يا فيصل المنصور, وكثر من أمثالك من أهل الأدب المدققين.
و فيصل المنصور ليس في كلامه شدة منكرة تستوجب الغضب عليه, وما المنكر في قوله إن هارون رحمه الله قلب المعنى وأفسده, فهذا وصف لفعله فكيف بالله تريد أن يصفه؟.
وليس في كلامه ما يوهم أن لسان حال قائله: "أنا جُذَيْلُها المحكك، وعُذَيقُها المرجَّب، أنا صائد زلات الكبار"
إنما هذه من كيس كاتبها هداه الله.
أما أنا فقد أعجبني ما كتبه الأخ المنصور وانتفعت به خصوصا تعليقه على بيت هشام أخي ذي الرمة.
وفقك الله وزادك علما.
وليت الأخ الذي كتب هذا:
بحثت عن روايات النسخ المخطوطة التي حفظها (فيصل المنصور) للناس= فلم أجد شيئاً،غير (أرى أن الأرجح) و (يمكن أن يخرج على) ...
فقلت: يرحم الله طبيب المخطوطات، ولله در المهلهل حين قال:
نبئت أن النار بعدك أوقدت واستب بعدك يا كليب المجلس
وتحدثوا في أمر كل عظيمة لو كنت حاضر أمرهم لم ينبسوا
ليته يبين لنا أين بحث وماذا وجد ليكون الرد علميا, أما التهويش دون دليل فلا يستفيد منه القراء.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[26 - 08 - 09, 03:31 ص]ـ
جزاك الله خيرًا، ووفقك.
ـ[عبد الحفيظ المقري]ــــــــ[28 - 08 - 09, 02:42 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[25 - 09 - 09, 02:09 م]ـ
وإياكم جزَى الله خيرًا.