- منها أن هؤلاء الأعراب كانوا على باب الأمير، ومن المحال أن يكون لمثل هؤلاء مكان في هذا الموضع الشريف وهم على هذه الحالة المزرية من التخليط.
- ومنها أن هؤلاء الأعراب غير مجهولين، بل قد ذكرت أسماؤهم في بعض روايات القصة، ومن الممكن تتبع أحوالهم وأخبارهم لمعرفة فصاحتهم.
- ومنها أن الكسائي عرض على سيبويه الاحتكام إلى هؤلاء الأعراب فوافق على ذلك، ولو كانوا مخلطين لما قبل.
- ومنها أن سيبويه لم يعترض على الكسائي بعد سماع شهادة الأعراب.
- ومنها أن ذلك أيضًا لو سلمناه يوجب إسقاط جميع مرويات الكسائي.
إلخ إلخ.
وبعد هذا التفصيل لا أظن منصفًا يأبى قبولَ ذلك روايةً عن العرب، ويبقى النظرُ بعد ذلك في القياس عليه أو عدم القياس؛ لأنه ليس كل ما رُوي عن العرب يقاس عليه بالاتفاق.
فإذا نظرنا إلى ذلك وجدنا البصريين يوافقون الكوفيين في قولهم (خرجتُ فإذا عبد الله قائمًا) و (خرجتُ فإذا عبد الله قائمٌ)، ولكنهم يردون المسألة الأخرى (فإذا هو إياها) بناء على أن (قائمًا) في المثال الأول يمكن الاستغناء عنها، أما (إياها) فلا يمكن الاستغناء عنها، وهذا التفريق تفريق صحيح، ولكن ما المانع أن يكون بعضُ العرب قد تكلم بالمثال الثاني إجراءً للباب مُجرى واحدًا، أو توهمًا للتشابه بين البابين، أو بتقدير محذوف، أو غير ذلك من الوجوه التي يمكن استنباطها؟
ولمثل هذه الأوجه المذكورة صار بعضُ المتأخرين إلى تصويب الوجهين وتوجيه النصب؛ فذهب ابن الحاجب مثلا إلى جعلها حالا لمحذوف تقديره (موجود).
وأيًّا ما كان الأمر، فإننا إن وافقنا البصريين في هذه المسألة، فلا ينبغي التشنيع فيها على المخالف؛ لأن لها وجهًا من النظر لا يمكن إنكاره، وإنما العالم من يعرف متى يسوغ الخلاف ومتى لا يسوغ.
ومن لطيف ما يروى عن صدق الكسائي وورعه، ما ذكره الفراءُ قال: لقيتُ الكسائي يومًا فرأيته كالباكي، فقلت له ما يبكيك؟ فقال: هذا الملك يحيى بن خالد يوجه إليّ فيحضرني، فيسألني عن الشيء؛ فإن أبطأتُ في الجواب لحقني منه عيبٌ، وإن بادرتُ لم آمن الزلل، فقلت له ممتحنًا: يا أبا الحسن! من يعترض عليك؟ قل ما شئتَ فأنت الكسائي!، فأخذ لسانه بيده وقال: قطعَه اللهُ إذًا إن قلتُ ما لا أعلم.
فليتق الله أقوامٌ يتكلمون بغير علم؛ يفسدون ويظنون أنهم مصلحون، يزعمون أنهم يحملون هم الأمة، والأمة من جهتهم في هم عظيم!
http://www.alukah.net/articles/1/6769.aspx
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 12:39 ص]ـ
أخي أبا مالك .. دافع الله عنك كما دافعت عن الذين آمنوا فإن الله يدافع عنهم ... كلمات واضحة المعاني قوية الدليل على عدم جواز نسبة الغش والخداع لهذا الشيخ الجليل ...
ووالله أخشى أن تكون المسألة الزنبورية منحولة من أولها إلى آخرها .. وليت بعض الإخوة الضراغم يبحثون لنا في إسنادها .. ففي نفسي منها شيء منذ قرأتها وأنا في سني الجامعة .. والله أعلم.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[05 - 07 - 09, 09:54 ص]ـ
السلام عليكم يا شيخنا أبا مالك العوضي
النحويون جعلوا الإمام سيبويه مفعولا مضروبا في "ضرب زيد عمروا و رفعوا منزلته في الزنبورية لأنه جعلها مرفوعا حتما (ابتسامة). ولكن حين أتصور مسألة "الزنبورية " التي حكيت عن الإمامين سيبويه والكسائي والتي غيرت مشوار حياة الإمام سيبويه وحين أتخيل إفحام الكسائي له بأعراب الحطمة تخنقني العبرات و تملأ قلبي صيحات الشكوى.وهو من هو عزما في قوله لحماد "لا جرم لأطلبنّ علماً لا تلحنني فيه أبدا" لما قال له "لحنت يا سيبويه" وهو في صغره. لقد قرأت مقالة "رسائل لم يحملها البريد" للشيخ عبد الرؤوف اللبدي المدرس بالجامعة في مجلة الجامعة الإسلامية وهو يكتبها موجها إلى سيبويه يخاطبه أعجبني أسلوبه واعتصرني ألما اقرؤوا ما يلي ولعلكم تجدون مصداق قولي:-
¥