تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَمِنْ هُنَا، لاَ بُدَّ مِنَ الإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ فُشُوَّ اللَّحْنِ بِفَسَادِ الأَلْسِنَةِ وَاختلالِها، بَدَأَ مُبَكِّرَاً مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ r[6] (http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn6)؛ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَحَدَ النَّاسِ قَرَأَ، فَلَحَنَ فِي حضرتِهِ -عَلَيْهِ السَّلامُ- فَقَالَ: «أَرْشِدُوا أَخَاكُمْ» [7] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn7).

وَكَذَلِكَ يُوْرِدُ الدَّارِسُونَ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ عَلَى تَسَرُّبِ اللَّحْنِ إِلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ، فِي عَهْدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ؛ إِثْرَ اختلاطِ العَرَبِ الفُصَحَاءِ بِغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّعُوبِ غَيْرِ العَرَبِيَّةِ، مِمَّا أَضْعَفَ السَّلِيْقَةَ اللُّغَوِيَّةَ لَدَيْهِمْ، وَأَبْعَدَهُمْ عَنْ تَدَبُّرِ المَعَانِي الحَقِيْقِيَّةِ لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَا جَعَلَ عُمَرَ ابنَ الخَطَّابِ t، يَدْعُو إِلَى تَعَلُّمِ العَرَبِيَّةِ الَّتِي تَقِي تِلْكَ الأَلْسِنَةَ مِنَ اللَّحْنِ، بِقَوْلِهِ -فِيْمَا رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ بِسَنَدِهِ-: «تَعَلَّمُوا العَرَبِيَّةَ» [8] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn8)، فذَلِكَ يدلُّ عَلَى أَنَّ خَطَرَ اللَّحْنِ أَخَذَ يَفشو، وَيُسيطرُ، وَيُكَوِّنُ ظاهرةً واسعةَ الانتشارِ، فادحةَ الخَطَرِ عَلَى الفُصْحَى، وَنَصِّ القُرْآنِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ السَّبَبَ الفَعَّالَ فِي نَشْأَةِ النَّحْوِ، وَتقنينِ قَوَاعِدِ العَرَبِيَّةِ، وَاستنباطِهَا لِلنُّطْقِ الصَّحِيْحِ.

وَمِنْ ذَلِكَ يظهرُ أَنَّ اللَّحْنَ أَوَّلُ بَدْئِهِ فِي الإِعْرَابِ، يقول أبو الطَّيِّبِ اللُّغَويّ: «وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ مَا اختلَّ من كلامِ العربِ، فَأَحْوَجَ إِلَى التَّعَلُّمِ، الإِعرابُ» [9] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn9).

وَالأَمْثِلَةُ عَلَى ذَلِكَ كثيرةٌ، عَلَى اختلافِ رِوَاياتِها، ورُوَاتِها؛ فَقَدْ رَوَى القُرْطُبِيّ، عن ابنِ أبي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَعْرَابيَّاً قدمَ في زمانِ عمرَ بنِ الخَطَّابِ t، فقالَ: مَنْ يقرئُنِي ممّا أُنْزِلَ على محمَّدٍ r؟ قالَ: فأقرأَهُ رجلٌ "براءة"، فقرأ: "أَنَّ اللهَ بريءٌ منالمشركين، ورسولِهِ" [10] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn10)، بجرِّ "رسولِهِ"، فقال الأعرابيُّ: أَوَقَدْ بَرِئَ اللهُ من رسولِهِ؟ فَإِنْ يكنْ كَذَلِكَ، فأنا أبرأ منه. فبلغَ عمرَ مقالةُ الأعرابيّ، فدعاه، فقال: يا أعرابيُّ، أتبرأُ مِنْ رسولِ اللهِ r؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، إِنِّي قدمْتُُ المدينةَ، ولا عِلْمَ لي بالقرآن -فروى له الحادثة- فقال عمرُ: ليس هكذا يا أعرابيُّ، قال: فكيف هي يا أميرَ المؤمنينَ؟ قال: {وَرَسُولُهُ}، فقال الأعرابيُّ: وأنا أبرأ ممّنْ بَرِئَ اللهُ ورسولُهُ منه، فأمرَ عمرُ بنُ الخطّابِ t، « أَلاَّ يُقْرِئَ النَّاسَ، إِلاّ عالمٌ بالّلغة» [11] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn11)، وأمرَ أبا الأسودِ، فوضعَ النّحْوَ.

فيما ذهبَ ابنُ الأَنْبَارِيّ مَذْهَبَاً آخرَ، بقولِهِ: «رُوِيَ أَنَّ سببَ وضعِ عليٍّ -كرّمَ اللهُ وجهَهُ- لهَذَا العلمِ أَنَّهُ سَمِعَ أعرابيّاً يقرأُ: "لا يأكلُهُ، إلاّ الخاطئِيْنَ" [12] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn12)، فوضعَ النّحْوَ» [13] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn13).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير