تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مرثية الألباني]

ـ[عبد الحفيظ المقري]ــــــــ[20 - 08 - 09, 12:40 م]ـ

أما بعد: فهذه القصيدة تعد رثاء في شيخ الإسلام .. ومحدث الأنام ... وقائد الأئمة الأعلام .. ودرة أهل الشام،

الذي امتلأ به السحر والنحر .. والسهل والقفر .. محدث العصر، فضيلة الشيخ العلامة:

محمد ناصر الدين الالباني

طيب الله ثراه، وأسكنه الفردوس الأعلى عند ربه ومولاه.

انصداع الصدر بخبر وفاة محدث العصر

المرثية الالبانبة

لا النظم نظمي ولا الأشعار أشعاري = ولا القريض قريضي يا ابنة الجار

لو تعلمين بأن الشعر أكتبه = وذلك الشعر عن أوزانه عار

لو تعلمين بأن الشعر أكتبه = به المعاني توارت خلف أستار

لو تعلمين بأن الشعر أكتبه والحزن يعصف قلبي عصف إعصار

****

لو تبصرين رياض الشعر قاحلة = فلم يغرد بها أصناف أطيار

لو تبصرين عيون الشعر غائرة = فليس ينفعها جرْيٌ لأنهار

وكيف أكتب شعراً حين أكتبه = وقد تربص بي مليون غدار

فرب معنىً جميلٍ كنت أكتبه = والآن لا يُرتضى إلا بمقدار

أرى الوجوه وجوه القوم عابسة = وينقلون إلى الأشياخ أخباري

****

هل قلت إفكاً – معاذ الله – ذاك إذن = شر وبيل وعند الله أسراري

لكنما ذاك قول الحق أعصره = وبالمرارة يُسقى كل جبار

أليس بالأمس قد ألقيت رائعتي = عن ابن بازٍ وفي الأمصار أشعاري

وأنه فارق الدنيا وزهرتَها = لكنما الموت في أرواحنا سار

وأن ناصر دين الله قاطبةً = غدا مريضاً بجسم منه منهار

وقد أشرتُ إلى أنْ سوف يتركنا = وها هو اليوم قد ولى عن الدار

****

قالت: صدقتَ فذاك الشعر نعرفه = لكن قوماً هنا من دون أبصار

فقلت: إني سألقي اليوم رائعتي = أرثي بها شيخَ علمٍ شيخَ آثار

وليس شيطان جنٍّ سوف ينفعني = فينفث الشعر في روعي وأطماري

لكنّ تأييد ربي سوف يدفعني = في صف حسان مثل السلسل الجاري

فإن علمت بأن الشعر أنظمه = فليس مني فتلكم مِنَّةُ الباري

****

خنساء لا تذكري صخراً وسيرته = فإن صخراً تولى نَهج كفار

وقد مضى مشركاً فيما يفارقه = والمشركون غداً يُلقون في النار

لكن تعالي إلى مدح الرسول ومن = بكفه النور أعني صاحب الغار

لكن تعالى إلى وصف الرسول ومن = تحتار في وصفه ألوان أشعاري

****

فقد أتانا بدين الله تقدمه = سماحةٌ قابلت مليون جبار

وصار يدعو إلى الرحمن منهجه = هداية أشرقت عن خير أنوار

فشرعه قائمٌ بل إن سنته = مرفوعة الرأس تعلو كل أقطار

ما مات إلا وقد أرسى قواعدَها = في درب أصحابه من كل أنصاري

وقال: عضُّوا عليها في خلافكمُ = وأمسكوها بأنيابٍ وأظفار

****

وقد توارثها الأجيالُ صافيةً = حتى أتى عصرنا الماضي بأكدار

عصر تناهت إليه كل واقعةٍ = وحادث صار فيه فقد أبرار

ممن لهم نشر هذا الدين في زمنٍ = أضحى مليئاً بأحداثٍ وأقدار

في عقد عشرين حطَّت كل فاجعةٍ = رحالها، وتولت حين إدبار

في عقد عشرين تبكي العين راضيةً = فدمعها نازلٌ كالغيث مدرار

على شيوخ لهدي المصطفى نشروا = يعلون سنته في كل أمصار

****

فتلكم السند قد ولى محدثها = بديعها مثل نجم آفل سار

وذي المدينة كم تبكي على عَلَمٍ = يُدعى ابن فلاَّتة يسمو بآثار

وذاك جامينا ولى ويسبقه = عفيفنا بعده حماد الأنصاري

وابن الغصون كذا إسماعيل يقدمه = سندينا، إن تلكم حكمة الباري

خنساء لو كنت في ذا العصر حاضرة = لقلتِ شعراً بدمع منك مكثار

وكيف يرقأ دمع حين ترسله = عينٌ له لهبٌ في القلب كالنار

****

إذا ابن باز بيوم الأمس ندفنه = واليوم ندفن شيخ العصر والدار

فقد تواترت الأنباء قاذفة = أسماعنا بثقيل الأمر قهّار

بأن ناصر هذا الدين قد صعدت = أنفاسه بخروج الروح للباري

وأن ناصر هذا الدين قد ذرفت = له العيون وجفّت عين جبار

فالموت لا يترك الأحباب ثانية = فكم يجيء على صحبٍ وأخيار

****

لو كان يخلد فينا عالم أبداً = لَخُلِّد المصطفى في هذه الدار

لكن هو الموت لا يبقى على أحدٍ = وفي توارده رايات تذكار

يا ناصر الدين هل غادرت ساحتنا = فلست تنظر في أهل وأصهار

وكيف تترك داراً أنت تسكنها = تعيش في ظلها من غير أكدار؟

وكيف تترك دوراً أنت تملؤها = بعلمك الجم فيما ينفع القاري؟

وكيف تترك طلاباً وقد نهلوا = من فيض علمك في تحقيق آثار؟

وكيف تترك جيراناً وقد عرفوا = حسْن الجوار وكنت العون للجار؟

****

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير