يا ناصر الدين إن لم ترض جيرتنا = فقد رضيت بأخرى جيرة الباري
بكت عليك بقاع الأرض قاطبة= وذاب من وجدكم أصلاب أحجار
بكت عليك رياض العلم دامعة = وذات من فقدكم أشياخ أمصاري
يا ناصر الدين شعري لا يطاوعني = فشخصكم فوق ما تبديه أشعاري
****
محدث العصر أنّى لي بوصفكمُ؟ = حزت الفضائل في سر وإظهار
أنت الإمام الذي سارت بسيرته = أجيالنا حينما فضتم بأنوار
كم بدعةٍ يا إمام العصر كنتَ لها = سداً منيعاً فصارت وسط أغوار
كم منهجٍ فاسد صيَّرتَ قامته = قصيرةً فاكتوى من ردك الناري
يا ناصر الدين من يبكيك رائعةً = أهل الهوى؟ لا وربي الخالق الباري
****
فليس يبكيك إلا تابعٌ سلفاً = ونَهجه يُستقى من خير مختار
كم شاعر صيَّر الأبيات سلسلةً = في حب ليلى وتمجيد لشطَّار
ولم تحرِّك وفاة الشيخ حافظةً = لديه بل أظهرت أحقاد مكار
يا ناصر الدين عذراً إن قسى قلمي = فذي الحقيقة دقت جَرْس إنذار
إن لم نسخِّر وميض الحرف رائعةً = نرثي لكم فلتلكم وصمة العار
****
ففي الحجاز ونجد كل فاجعةٍ = وكنت فاجعةً في كل أمصاري
سل الجزائر سل ربات أخدرها = تُنبئك عن حزنِها من داخل الدار
فتلك فتواك يا شيخي مدونةٌ = بخط كل فتاةٍ ذات إسوار
ويسمع اليمن المحبوب فاجعتي = فيحتسي أكؤساً من فقد أخيار
كذاك في الشام أعلامٌ قلوبُهمُ = تفطَّرت حين لبيتم ندا الباري
هذا سليمٌ يواري اليوم دمعته = والحزن في قلبه قد صار كالنار
****
وانظر إلى شقرةٍ ضاعت بلاغته = وكم تلعثم عند الحادث الجاري
وذاك مشهور قد سالت مدامعه = فقداً لشيخٍ عظيم القدر مهصار
أما عليٌّ فلا تنظر لساحته = فإنَّها ساحة من دون أشجار
يا راحلين إلى عمَّان دونكمُ = هذا القريض يريكم بعض أخباري
يا راحلين إلى عمّان دونكمُ = قلبي يتوق إلى بستان أبرار
إني لأكتب شعري حين أكتبه = وكتمة الصدر كم تؤذي بأشعاري
****
كم كنت أرجو لقاء الشيخ أبصره = أرى محيَّاه بدراً في السما ساري
كم كنت أرجو سماع الشيخ يطربني = بصوته عبر تحقيق وآثار
لكنما في المنايا كل قاطعة = لذي الرغائب أو عن نيل أوطاري
يا ناصر الدين إن فارقت دوحتنا = فقد تركتَ علوماً تتحف القاري
قد كنت في الأرض للتعليم جامعة = بشطّها صار يرسو كل بحَّار
تهفو إليك قلوب الخلق طامعةً = بعلمكم فاستقوا من نَهرك الجاري
****
من للسلاسل يذكي نشر طيِّبها؟ = إلا ابن نوحٍ بعلم منه معطار
ومن سيروي غليلاً عند نَهمته؟ = إلا ابن نوحٍ ويعطي دون إقتار
ومن يرد دعاة الغي إن نعقوا؟ = إلا ابن نوحٍ بسيف منه بتار
وكيف يسطيع خصمٌ في مناقشةٍ = نقاش ذالك الهِزَبْر العاقر الضار
****
كم باحث ناقدٍ في الشيخ خطته = ونقده لا يساوي عشر معشار
يسير خلف ذوي الأهواء مجتهداً = وباعه لا يساوي شبر مغوار
يرميه زوراً بذا الإرجاء في سفه = ونَهجه خارجي نَهج جزار
لكن أولو الفضل قد شادوا برتبته = وأنه شامةٌ في كل أقطار
مضى ابن نوح إلى الرحمن سيرته = محمودةٌ، وجبين الخصم كالفار
مضى إلى الله يرجو كل مغفرة = من عالمٍ سرَّه للذنب غفار
فرحمة الله تغشى روحه أبداً = يعلو بها منزلاً في دار أبرار
****
فإن غدت شمسه في الكون آفلةً = فقد بدت ههنا شمس بأمصاري
فذلك الوادعي يمضي بسيرته = يقفو هنا نهجه في نقد آثار
يا وادعيُّ عيون الناس قد شخصت = إلى علومك في حضْر وأسفار
يبغون رِفدَك في التعليم فاتجهت = قلوبهم ترتوي من نبعك الجاري
أبقاك ربي لهذا الدين جامعةً = مبارك الوقت في جسْم وأعمار
والختْم صلى إله الكون ما طلعت = شمس الضحى أو توارت خلف أستار
على نبي الهدى والتابعين له = والمقتدين به في خير مضمار
كتبت في يوم الأحد الموافق لليوم الثامن من شهر رجب لعام 1420هـ
بدار الحديث بدماج – صعدة – اليمن
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبدالله بن عيسى الموري