أتصبح بعد ذا في بطن أرضٍ = تُدَسَّ بِها وتفترش الترابا؟
أتصبح بعد ذا جسماً رميماً = وكنت بأمسنا رجلاً شبابا؟
بموتك تُظهِر الأحزاب عرساً = لأنك كنت تسقيها العذابا
بموتك ترفع الأهواء رأساً = لأنك كنت تخفضها رقابا
فنم نوع العروس حباك ربي = جنان الخلد تسكنها ثوابا
ونم نوع العروس جزاك ربي = ثماراً تلقى يانعة رطابا
فإن فارقتنا فارقت أهلاً = وأوطانا وإخواناً صحابا
فتلك معاهد التعليم أضحت = تُنكِّس رأسها حزناً غضابا
وطلاب العلوم لهم بكاء = لفقدك حين قدمت الذهابا
فقد كنت الفقيه وكنت حبراً = عظيم القدر مرفوعاً جنايا
عَلِمتُك حافظاً ثبتًا إمامًا = وبراً ناصحاً تزكو ثيابا
وللعلماء كنت أباً رحيماً = بِدُرِّ العلم مملوءٌ جرابا
أنادي كل من أضحى كسولاً = بهذا العلم لم يقرأ كتابا
وفي سكراته لا ليس يدري = بأن لهذه الدنيا انقلابا
فذا شيخ الجزيرة قد تولى = كبدر التمِّ حين بدا وغابا
وألبانيُّنا أضحى مريضاً = طريح الأرض لم يرفع جوابا
وتدعوه المنون بكل حينٍ = فيوشك أن يفارقنا ذهابا
ويعلم كل من بالأرض أنا = فقدنا حينها نجماً شهابا
وهذا الوادعي غدا عليلاً = وبالأسقام يلتهب التهابا
وكم تأتيه أخبار ابن بازٍ = فتحزنه وكم يجد اكتئابا
يداهمه السعال بكل وقتٍ = وفي ساعاته يلقى الصعابا
أنزهد بعد ذا عن كل درسٍ = يقدِّم في العلوم المستطابا؟
أنطمع بد ذا في كل فلسٍ = وللدنيا نجدُّ لها طلابا؟
لهذا كم أنادي اليوم قومي = إلى علم نشق به العبابا
ستعلم أيها الجافي كلامي = وتذرف بالدموع هنا سحابا
إذا أباؤنا غابوا فإنا = نكون بعالم الدنيا سرابا
إلهي فارحم الأموات منهم = وفي الأجداث ثبتهم جوابا
وأسكنهم غداً جنات عدن = لما فعلوا تكون لهم ثوابا
كذلك واحفظ الأحياء منهم = وُرد بهم عن الحق الحرابا
وأختم بالصلاة على رسول = رفيع القدر محمود جنابا
كتبت في يوم الجمعة الموافق لليوم السادس من شهر صفر لعام 1420هـ
بدار الحديث بدماج – صعدة
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبدالله بن عيسى الموري