تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلى هذه الصلوات الخمس؟ قال: اللهم نعم، قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص، قال: ثم انصرف راجعا إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى: إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة ...

ثم كان يكمل الحديث في قصة ضمام مع قومه وفيها: فأتى إلى بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه، فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى، قالوا: مه يا ضمام، اتق البرص والجذام! اتق الجنون! قال: ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله عز و جل قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، إنى قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما. قال: يقول بن عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة ..

رضي الله عن ضمام .. ورحم الله دخيل الله ..

ظل محافظا على الفرائض الخمس .. داعيا لها وحاضا عليها طول حياته .. لم يتخلف عنها أبدا .. عرفه الناس .. في كيلو ثلاثة وحي الجامعة وكيلو سبعة إلى حي الربوة أخيرا ..

أعجب ما في حياته .. قيام الليل وتلاوة القرآن .. قيام الليل .. مذ ظهرتُ على الدنيا وهو يقومُ الليل .. لم يتركه ليلة .. بل قيام الليل عنده قطعة من يومه .. حتى بعدما احدودب ظهره .. ورقّ عظمه .. وثقلت حركته .. ظل ملازما له .. كان لا يستوي قاعدا .. إلا أنه يتطهر ويتوضأ في وقت طويل .. ثم يسأل من حوله أن يضعه على كرسيه المتحرك ويوجهه قبل الكعبة .. فيشرع في صلاته .. ثم يرتخي رأسه .. ويظل يجاهد نفسه طوال الليل .. يمكث ساعة ربما لا يجاوز فيها الفاتحة .. لضعفه وونيه .. واشتداد الباركنسون عليه .. يذكرني حاله دائما بقول حسّان في عثمان بن عفان رضي الله عنهما:

ضحّوا بأشمط عنوان السجود بهِ ... يقطِّع الليل تسبيحا وقرآنا ..

أعجب من ذلك .. أنه لم يؤذن المؤذن في مسجد الحي إلا وهو على عتبات باب المسجد .. يدفعه أحد بنيه أو خادمه بكرسيه المتحرك .. الذي غدا رمزا ككرسي أحمد ياسين .. رحمه الله .. كان آية في حضور الفريضة .. حاثا وحاضا على الصلاة بفعله .. يفرح أهل المسجد حينما يرونه قادما لموضعه من المسجد .. يأتيه أناسٌ يعرفهم وأناسٌ لا يعرفهم فيسلمون عليه .. كانوا يتعاهدونه بالسلام والتقبيل .. حبا لله وفي الله .. لقد أحبته الناس وأهل الحي وكل من رآه .. {وألقيت عليك محبة مني} .. كان هناك شيخٌ مسن في ناحية المسجد له كرسي يقتعده دائما .. كان أعزه الله يعد السلام على دخيل الله سنة من سنن الصلاة لا تكمل إلا بها .. من شدة محبته له ..

وفي طريقه للمسجد كان يأمر خادمه بصرف ريالات مفرّقة .. ليتصدق على السؤّال والمحاويج في طريقه .. لا ينسى ذلك أبدا .. رغم تواضع راتبه التقاعدي .. أذكر أنه بعد وفاته بأيام قلائل .. جاءت حجة سوداء تبيع الحلوى والفصفص .. كانت دائما تجلس أمام مدرسة ابتدائية على طريقه للمسجد .. جاءت تسأل عنه .. ثم ارتاعت حين علمت بوفاته فعزتنا .. ودعت له بخير ..

حينما يأتيه كراء داره القديمة في رمضان من كل عام .. يخرج منه زكاته .. ثم لا يذر من المتبقي شيئا حتى يأمر بتفريقه بين فلان وفلان .. أناقشه أحيانا وأرجوه أن يستبقي شيئا .. فقط قيمة الدواء لشهر أو شهرين قادمين .. فيقول لي: طاوعني .. فأحاول ثنيه .. فيغضب .. فأطيّب خاطره .. وأفرّق المال في الناس وهو أحوج له ..

قرأنا سويا .. سيرة ابن هشام .. مرات .. وقطعا من تفسير ابن كثير .. وأجزاءا من تفسير أبي المظفر السمعاني .. ورياض الصالحين .. ومختصر الزبيدي للبخاري .. وأبوابا من فقه السنة .. وغيرها من كتب .. كان يحب الحديث ودروس الحديث .. لا يشبع من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أبدا ..

ترك اللذات فهمّته ... علمٌ يرويه ويسندهُ ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير