تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الفرّاء في " معاني القرآن " [14]: " وكأنّه أَشبه المعنيين بالصّواب، لأنّه مع ما يشاكله من العدس والبصل، والعرب تبدل الفاء ثاءً، فيقولونَ: جَدَفٌ وجَدَثٌ للقبر، ووقع في عافُور شَرٍّ وعاثُورِ شرّ " اهـ. وكذا قال ابن قتيبة رحمه الله [15].

فكلّ من القولين قريب، حتّى من أراد أن يذهب مذهب الفريق الأوّل، فإنّه يمكن أن يقول: قراءة الثّوم لا تعارض ولا تعكّر صفو القراءة المشهورة، لأنّه يكون حينئذ الثّوم بمعنى الفوم الّذي هو الحنطة، وقد قال الإمام اللّحيانيّ: " هو الثُّوم والفُوم للحنطة، قال أبو منصور: فإن قرأَها ابن مسعود بالثّاء فمعناه الفوم وهو الحنطة ".

والله أعلم، وأعزّ وأكرم.


[1] " اقتضاء الصّراط المستقيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ص 203).
[2] " مصنّف عبد الرزّاق " (1/ 411)، رقم (1609)، وأخرجه أيضا البيهقيّ في " السّنن الكبرى " (9/ 234).
[3] " مصنّف ابن أبي شيبة " (9/ 11)، رقم (6332).
[4] " مصنّف ابن أبي شيبة " (9/ 11)، رقم (6333).
[5] " المدوّنة " برواية سحنون عن ابن القاسم (1/ 62،63).
[6] " اقتضاء الصّراط المستقيم " (ص 204).
[7] " مجموع الفتاوى " (32/ 255).
[8] (ص 206)
[9] " اقتضاء الصّراط المستقيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ص 207).
[10] حكى ذلك عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله ().
[11] " لسان العرب " مادّة (عفر).
[12] " معاني القرآن وإعرابه " للزّجّاج (1/ 143).
[13] فاعلم أنّ هذه القراءة صحّت عن ابن مسعود وابن عبّاس وأبيّ بن كعب رضي الله عنهم جميعا، انظر: " معاني القرآن " للفراء (1/ 41)، و" تفسير غريب القرآن " (ص 51)، و" المحتسب " (1/ 88)، و" زاد المسير " (1/ 89).
[14] " معاني القرآن " (1/ 41).
[15] " تفسير غريب القرآن " (ص 51).
البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح (4)
بقلم:أبي جابر عبد الحليم توميات
(حرف الثّاء)
ثُولالة
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فلم يكن من السّهل أن نضع أيدينا على لفظة تبدأ بحرف الثّاء ممّا درج عليها النّاس في لهجاتهم، فقد ذكرنا في المقال الأخير أنّ أهل المدن لا يكادون ينطقون بالثّاء والذّال والضّاد، فهي حروف سقطت من لسانهم، أو أنّها بقيت ولكن لم يبقَ شيء من أسنانهم، فنلتمس لهم عذرا ومخرجا، مع أنّهم لم يجدوا لهذه الأحرف مخرجا.
والمدن الّتي لا تزال تأتي بهذه الأحرف على وجهها، ولا تكاد جملة من جملهم تخلو منها: مدن بلاد القبائل، فهذه الأحرف الثّلاثة تكثر في كلماتهم، ولم تغِب عن استعمالاتهم، كما أنّك تجد بعض القرى بالغرب الجزائري لا يزالون يعرفون هذه الحروف، فوجدناهم ينطقون بالثّاء في بعض الكلمات، كالرّقم (ثلاثة)، و (ثورة)، و (ثقيل) وغيرها.
ومن ألفاظهم (ثُولاَلة)، وهي: نتوء خشن وصلب ينمو على سطح الجلد، يظهر على اليد أو القدم أو الوجه أو أي مكان من الجسم، ويجمعونه على (ثُلال).
وهي لفظة قريبة من الفصحى، فقد ذكر العلماء في معاجمهم كلمة (ثؤلول)، قال ابن منظور في " اللّسان ": " هو الحَبَّة تظهر في الجِلد كالحِمَّصة فما دونها "، وكذا قال ابن الأثير في " النّهاية " وغيرهما.
ولنا مع هذه الكلمة وقفات:
1 - نرى أنّ الكلمة سهّلت همزتها على عادة أهل المغرب العربيّ، فقالوا: (ثو)، وهو أمر مشهور في لغة العرب، وعليها قراءة ورش عن نافع، ولعلّ السّبب في اشتهار هذه الرّواية بأرض المغرب العربيّ أنّها موافقة للهجة أهلها، يسيرة على لسانها.
2 - ولكن ما سرّ انقلاب الواو ألفا، فقالوا (ثولالة) بدلا من (ثولولة)؟
3 - وما سرّ دخول تاء التّأنيث على الكلمة؟ فربّما ظنّ النّاس أنّه اسم جنس جمعيّ يفرّق بين مفرده وجمعه بالتّاء، فيقولون (ثولالة) في المفرد، و (ثولال) في الجمع، والصّواب أنّ المفرد من غير تاء، والجمع (ثآليل)، ونظير ذلك قولهم عن الذّباب: (ذبّانة) في المفرد، (وذبان) في الجمع!
4 - جمع هذه الكلمة (ثآليل)، وقد ذكر ابن منظور رحمه الله حديثا في ذلك فقال: " وفي الحديث في صفة خاتم النبوّة كأَنه ثَآلِيل "اهـ ..
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير