تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن باب الفائدة فقد وقعت قصة للكاتب الدكتور زكي مبارك مع زميله الموسيو كولان في تأصيل كلمة شيك أم صك، وانظروها في كتابه (البدائع صور وجدانية وأدبية واجتماعية) كما أفادنا بذلك الشيخ عبد العزيز السدحان أدام الله عليه النعم.

ـ[ابو عبد القوي]ــــــــ[18 - 10 - 09, 02:16 ص]ـ

بسم الله

قلت أخي الكريم: (بناء على ما فهمت من كلامكم فإن العربية في العامية الجزائرية ليست أصلا؟، ولا أعرف ما هو الأصل عندكم حتى نحصر ما ليس منه) الأصل عندنا وعند غيرنا يعرف بالاستماع لسائل جزائري يتصل بأحد برامج الفتاوى على الفضائيات وهو لا يكاد يبين يتكلم بلغة أشبه بلغة أهل مالطة أمشاج من اللهجات واللغات وهو يتمتم ويتتعتع ويتلعثم ومقدم البرنامج يستوضح ويستفهم ويطلب منه أن يعيد كلامه والشيخ المفتي في دهشة وحيرة من السؤال والسائل، والأصل يعرف أيضا بأن تقرأ رواية "اللاز" لشيخ أدباء الجزائر طاهر وطار!!.ثم إنه لا يقتصر في الحكم على عربية العامية الجزائرية بتعداد ما هو فصيح من ألفاظها وما أقحم فيها كيفما اتفق، بل بنظرة شاملة لصحة معاني الكلمات وسداد الاستعمال وقوة التأليف وموافقة القياس ومراعاة الإعراب وغير ذلك مما قد فقد غالبه في عامية قومك.

قلت أخي الكريم: (زد على هذا فأنا طرحت محاولة ولم أدّع الاستقراء)

الجملة التي كتبتها أخوك عربية ـ وإن كان جزائريا في الصميم ـ وليس فيها مايفهم أنني قلت بأنك تدعي الحصر والاستقراء، بل غاية ما يفهم من كلامي أن تتبع ذلك طويل الذيل قليل النيل، وربما قد يفيد من يريد أن يأخذ دروسا في مفردات اللغة الفرنسية، هذا إذا سلمنا أن نطق الجزائريين بتلك الألفاظ يبقيها على فرنسيتها؛ ذلك أن العارف بلغة فلوتير يأبى التسليم أن ما نقلته عن الجزائريين فرنسي، فالأولى أن تصحح العبارة بأن يقال إنها كلمات أصلها فرنسي ثم عربت أو حرفت.

قلت أخي الكريم: (ولا يقال بارك الله فيكم أن الكلمات الفرنسية في العامية الجزائرية لا يستطاع حصرها)

ومن تكلم عن الاستطاعة والاستحالة؟! وفي أي جملة من كلامي فهمت ذلك؟! إن الكلمات الفرنسية بين قومها وأهلها محصورة مسطرة وما "لروس" (أشهر معجم فرنسي) عنك ببعيد، فكيف لا يمكن حصر جزء منها مبتذل عند قوم آخرين؟!

قلت أخي الكريم: (لأن ما هو فرنسي يعرفه كل واحد)

إذن ما فائدة الضغط على أزرار لوحة المفاتيح للكتابة في بيان ما يعرفه كل أحد.

قلت أخي الكريم: (وإلا فالمقالات أكثر من الكثير ولكن أين التأثير؟؟)

عجيب كلامك هذا وهذه شطارة ليس في موضعها يا آل شطارة؛ إذ ما تفتق لسان في الجزائر وما تضوع بجميل درر لغة الضاد إلا ثمرة لمقالات سالفة وكتابات سابقة ولولا أثار تلك الجهود لمسخت معالم عروبة قومك.

وانظر أخي إلى أحد المشارقة وهو الشيخ أبو فهر محمود شاكر كيف يشيد بجهود من سبقه من المصريين يقول في كتابه النفيس "أباطيل وأسمار": (وكنت اقتنعت بأن الجهود الخصبة التي بذلها الاسلاف والمعاصرون لتقويم ألسنة العامة المصرية وتبرئة ما تتداوله من الخطأ والتحريف في كلم العربية جديرة بكل تقدير).

والتنكر لأهل الفضل خلة في بني قومنا هي أشد علينا من عجمة اللسان قال أبو حامد الفاسي في "مرآة المحاسن ": (إن جماعة من العلماء وسموا المغاربة بالإهمال ودفنهم فضلائهم في قبري تراب وإخمال).

قلت أخي الكريم: (ولو زدتك بارك الله فيك مقالة أخرى وهي الكلمات التركية في العامية الجزائرية كما فعل الأستاذ الدكتور ابن أبي شنب فما عساك أن تقول).

ما عساني أن أقول إلا إن هذا مما يؤكد ما ذكرت لك من أن الدارجة الجزائرية مزيج من اللهجات واللغات فيستطيع العارف أن يتتبع ويجمع الكلمات البربرية في العامية الجزائرية أيضا والإسبانية والإيطالية كذلك بل ذكر الشيخ ابن أبي شنب في مقدمة كتابه "الكلمات التركية في العامية الجزائرية" أن هناك من الكلمات ما أصله فارسي بل يستطيع المستقصي أن يجمع بعض الكلمات من همهمات وتركيبات صوتية لا تنتمي لأي لغة أحدثها الجزائريون وهي أشبه بالشفرات.

وهنالك أظن سيخفى عليك ـ أخي آل شطارة ـ الأصل في لسان قومك.

وليس هذا تحامل مني على الجزائر ولكنه إقرار بحقيقة مرة وواقع مشين، ولست رديف شوقي في تجنيه على بلدنا حيث قال: (ولا عيب فيها سوى أنها قد مسخت مسخا، فقد عهدت مساح الأحذية فيها يستنكف النطق بالعربية، وإذا خاطبته بها لا يجيبك إلا بالفرنسية) فأنا أعقل من أقول هذا وفي ربوع الجزائر ولد مفخرة اللسان العربي الشيخ البشير الابراهيمي وفي ربوع ثراها الزاكي قامت تلك النهضة المباركة على يد جمعية العلماء الجزائريين، وجوابا للشوقي أنقل كلاما لشيخ المصلحين الجزائريين العلامة ابن باديس قال قدس الله روحه: (فأعجبوا لاستدلال على حالة أمة بمساح الأحذية منها! ولا يجمل بي أن أزيد في موقفي هنا على هذا، إلا أن فقيدنا العزيز لو رأى من عالم الغيب حفلنا هذا لكان له في الجزائر رأي آخر، ولعلم أن الأمة التي صبغها الإسلام، وهو صبغة الله، وأنجبتها العرب وهي أمة التّاريخ وأنبتتهما الجزائر، وهي العاتية على الرومان والفاندال، لا تستطيع ولن تستطيع أن تمسخها الأيام ونوائب الأيام)

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح ديننا وألسنتنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير